لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (117)

قوله عز وجل : { بديع السموات والأرض } أي خالقها ومبدعها ومنشئها على غير مثال سبق . وقيل : البديع الذي يبدع الأشياء أي يحدثها مما لم يكن { وإذا قضى أمراً } أي قدره وأراد خلقه . وقيل : إذا أحكم أمراً وحتمه وأتقنه . وأصل القضاء الحكم والفراغ والقضاء في اللغة على وجوه كلها ترجع إلى انقطاع الشيء وتمامه والفراغ منه { فإنما يقول له كن فيكون } أي إذا أحكم أمراً وحتمه فإنما يقول له فيكون ذلك الأمر على ما أراد الله تعالى وجوده . فإن قلت المعدوم لا يخاطب فكيف قال فإنما يقول له كن فيكون . قلت : إن الله تعالى عالم بكل ما هو كائن قبل تكوينه وإذا كان كذلك كانت الأشياء التي لم تكن كأنها كائنة لعلمه بها فجاز أن يقول لها : كوني ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال الوجود وقيل اللام في قوله : { له } لام أجل فيكون المعنى إذا قضى أمراً ، فإنما يقول : لأجل تكوينه وإرادته له كن فيكون فعلى هذا يذهب معنى الخطاب .