وبديع : فعيل للمبالغة ، وهو خبر مبتدأ ، محذوف ، أي : هو بديع سمواته ، وأرضه ، أبدع الشيء : أنشأه لا عن مثال ، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له مبدع . وقوله : { وَإِذَا قضى أَمْرًا } أي : أحكمه ، وأتقنه . قال الأزهري : قضى في اللغة على وجوه مرجعها الى انقطاع الشيء ، وتمامه ، قيل : هو مشترك بين معان ، يقال قضى بمعنى : خلق ، ومنه : { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات } [ فصلت : 12 ] وبمعنى أعلم ، ومنه : { وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل فِى الكتاب } [ الإسراء : 4 ] وبمعنى أمر ، ومنه : { وقضى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إِلاَّ إيّاه } [ الإسراء : 23 ] وبمعنى ألزم ، ومنه : قضى عليه القاضي ، وبمعنى أوفاه ، ومنه : { فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل } [ القصص : 29 ] وبمعنى أراد ومنه : { فَإِذَا قضى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } [ غافر : 68 ] ، والأمر واحد الأمور .
وقد ورد في القرآن على أربعة عشر معنى : الأوّل الدين ، ومنه : { حتى جَاء الحق وَظَهَرَ أَمْرُ الله } [ التوبة : 48 ] الثاني : بمعنى القول ، ومنه : { فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا } [ المؤمنون : 27 ] الثالث : العذاب ، ومنه قوله : { لَمَّا قُضِىَ الأمر } [ إبراهيم : 22 ] الرابع : عيسى ، ومنه : { فَإِذَا قضى أَمْراً } [ مريم : 35 ] أي : أوجد عيسى عليه السلام . الخامس القتل ، ومنه { فَإِذَا جَاء أَمْرُ الله } [ غافر : 78 ] السادس : فتح مكة ، ومنه : { فَتَرَبَّصُوا حتى يَاتِىَ الله بِأَمْرِهِ } [ التوبة : 24 ] . السابع : قتل بني قريظة ، وإجلاء النضير ، ومنه : { فاعفوا واصفحوا حتى يَاتِىَ الله بِأَمْرِهِ } [ البقرة : 109 ] ، الثامن : القيامة ، ومنه : { أتى أَمْرُ الله } [ النحل : 1 ] التاسع : القضاء ، ومنه : { يُدَبّرُ الأمر } [ يونس : 3 ] ، العاشر الوحي ، ومنه : { يَتَنَزَّلُ الأمر بَيْنَهُنَّ } [ الطلاق : 12 ] الحادي عشر : أمر الخلائق ، ومنه : { أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الأمور } [ الشورى : 53 ] الثاني عشر : النصر ، ومنه : { هَل لنَا مِنَ الأمر مِن شَىْء } [ البقرة : 154 ] . الثالث عشر : الذنب ، ومنه : { فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا } [ الطلاق : 9 ] الرابع عشر : الشأن ، ومنه : { وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [ هود : 97 ] هكذا أورد هذه المعاني بأصول من هذا بعض المفسرين ، وليس تحت ذلك كثير فائدة ، وإطلاقه على الأمور المختلفة لصدق اسم الأمر عليها . وقوله : { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } الظاهر في هذا المعنى الحقيقي ، وأنه يقول سبحانه هذا اللفظ ، وليس في ذلك مانع ، ولا جاء ما يوجب تأويله ، ومنه قوله تعالى : { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] وقال تعالى : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] وقال : { وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ واحدة كَلَمْحٍ بالبصر } [ القمر : 50 ] ومنه قول الشاعر :
إذا ما أراد الله أمراً فإنما *** يقول له كن قوله فيكون
وقد قيل : إن ذلك مجاز ، وأنه لا قول ، وإنما هو : قضاء يقضيه ، فعبر عنه بالقول ، ومنه قول الشاعر ، وهو عمر بن حممة الدوسي :
فَأصْبَحْتُ مِثْل النَّسْرِ طَارَ فراخُه *** إذَا رَامَ تَطْيَاراً يُقَالُ لَهُ قَعِ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.