بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (117)

{ بَدِيعُ السماوات والأرض } ، أي خالقهما . والإبداع في اللغة : إنشاء شيء لم يُسْبَقْ إليه على غير مثال ولا مشورة . وإنما قيل لمن خالف السنة : مبتدع ، لأنه أتى بشيء لم يسبقه إليه الصحابة ولا التابعون . ومعناه هو خالق السموات والأرض . { وَإِذَا قضى أَمْرًا } ، يعني إذا أراد أن يخلق خلقاً ، { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } . ويقال : هذه الآية نزلت في شأن وفد نجران السيد والعاقب وغيرهما . وكانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : هل رأيت خلقاً من غير أب ؟ فنزلت هذه الآية : { وَإِذَا قضى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } ، كما كان آدم من غير أب وأم ، كذا عيسى ابن مريم خلقه بغير أب . فإن قيل : قوله : { كُنَّ } هذا الخطاب للموجود أو للمعدوم ؟ فإن قال : للمعدوم . قيل له : كيف يصح الخطاب لشيء معدوم ؟ وكيف يصح الإشارة إليه بقوله : { كُنَّ } ؟ فإن قال : الخطاب للموجود . قيل له : كيف يأمر الشيء الكائن بالكون فالجواب عن هذا من وجهين : أحدهما : أن الأشياء كلها كانت موجودة في علم الله تعالى قبل كونها ، فكان الخطاب للموجود في علمه . وجواب آخر : أن معناه إذا قضى أمراً فإنما يقول له : كن فيكون ، يعني إذا أراد أن يخلق خلقاً يخلقه ، والقول فيه على وجه المجاز . قرأ ابن عامر { فَيَكُونُ } بالنصب ، لأن جواب الأمر بالفاء ، وقرأ الباقون بالرفع على معنى الاستئناف بمعنى فهو يكون .