صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المطففين

روى أنه لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، كان أهلها من أخبث الناس كيلا ؛ فأنزل الله هذه السورة . أو قرأها عليهم فأحسنوا الكيل بعد ذلك . ومثل الكيل الوزن والذّرع .

{ ويل }[ آية 89 البقرة ص 35 ] . الذين يبخسون حقوق الناس في الكيل والوزن عن الواجب لهم من الوفاء . جمع مطفّف ؛ من الطفيف ، وهو التافه القليل ؛ لأن ما يبخسه المطفف شيء نزر حقير . وهو وعيد شديد لمن يأخذ لنفسه وافيا ، ويعطى لغيره ناقصا ، قليلا كان أو كثيرا . وقد عظم الله أمر الكيل والوزن ؛ لابتناء المعاملات عليهما ، والناس لا يستغنون عنهما . والتطفيف فيها خيانة واعتداء على الحقوق ؛ ومبنى التعامل على الأمانة والمعادلة فيها . وقد كان قوم شعيب عليه السلام من المطففين [ آية 85 الأعراف ص 269 ، 84 هود ص 371 ] .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مدنية . وقيل : مكية . وآياتها ست وثلاثون . وهي مبدوءة بالتنديد بالمطففين الذي يخسرون الميزان . فإذا كالوا الناس نقصوهم حقهم . وإذا اكتالوا منهم أخذوا حقهم وافيا أو زائد وفي السورة تنديد كذلك بالمجرمين المكذبين الذين كانوا يستهزءون بالمؤمنين . فإذا مر بهم المؤمنون تغامزوا بهم ساخرين متهكمين إلى غير ذلك من المعاني والعبر .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ ويل للمطفّفين 1 الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون 2 وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون 3 ألا يظن أولئك انهم مبعوثون 4 ليوم عظيم 5 يوم يقوم الناس لرب العالمين } .

روي عن ابن عباس قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى : { ويل للمطففين } فأحسنوا الكيل بعد ذلك .

وقيل : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يقال له أبو جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فأنزل الله هذه الآية{[4777]} والتطفيف من الطفيف وهو القليل والغير التام وطفّ المكوك والإناء وطفافه ما ملأ أصباره أو ما بقي فيه بعد مسح رأسه وطفّف نقص المكيال {[4778]} والمطفف هو المقل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن . وقد سمي بذلك ، لأنه لا يكاد يسرق من المكيال والميزان إلا الشيء الطفيف الخفيف . والتطفيف معناه نقص المكيال وهو ألا تملأه إلى أصباره ، أي جوانبه . وقد ندّد الله بالمطففين أشد تنديد وتوعدهم بالويل وهو الخسار والهلاك . وهو قوله : { ويل للمطففين } ثم فسّر ذلك بقوله : { الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون } .


[4777]:أسباب النزول للنيسابوري ص 298.
[4778]:القاموس المحيط جـ 3 ص 174.