صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

{ فاطر السموات والأرض } خالفها ومبدعها على غير مثال سابق ؛ من فطره – من باب نصر – ابتدأه واخترعه . { يذرؤكم فيه } يكثركم بسبب هذا التزاوج بين الذكور والإناث . يقال : ذرأ الشيء كثره . والذرء والذر أخوان . والضمير المنصوب عائد إلى المخاطبين وإلى الأنعام على سبيل التغليب . وفي بمعنى باء السببية . والضمير المجرور عائد إلى التزاوج المفهوم من قوله : " جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا " . { ليس كمثله شيء } ليس شيء مثله تعالى في شئونه ؛ والكاف زائدة . أو ليس مثل صفته شيء من الصفات التي لغيره . أو ليس كذاته شيء ؛ والكاف أصلية ، والمثل بمعنى الذات . تقوله العرب : مثلك لا يبخل . يعنون : أنت لا تبخل ؛ على سبيل الكناية ، قصدا إلى المبالغة في نفي البخل عن المخاطب بنفيه عن مثله ، فيثبت انتفاؤه عنه بدليله .

والمراد : تنزيهه تعالى عن مشابهة شيء من الخلق في شيء ؛ ذاتا وصفات وأفعالا .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

{ من أنفسكم أزواجا } يعني : الإناث .

{ ومن الأنعام أزواجا } يحتمل أن يريد الإناث أو الأصناف .

{ يذرؤكم فيه } معنى : { يذرؤكم } يخلقكم نسلا بعد نسل وقرنا بعد قرن ، وقيل : يكثركم ، والضمير المجرور يعود على الجعل الذي يتضمنه قوله : { جعل لكم } ، وهذا كما تقول كلمت زيدا كلاما أكرمته فيه ، وقيل : الضمير للتزويج الذي دل عليه قوله { أزواجا } ، وقال الزمخشري : تقديره يذرؤكم في هذا التدبير ، وهو أن جعل الناس والأنعام أزواجا ، والضمير في { يذرؤكم } خطاب للناس والأنعام غلب فيه العقلاء على غيرهم ، فإن قيل : لم قال يذرؤكم فيه وهلا قال : يذرؤكم به ؟ فالجواب : أن هذا التدبير جعل كالمنع والمعدن للبث والتكثير قاله الزمخشري .

{ ليس كمثله شيء } تنزيه لله تعالى عن مشابهة المخلوقين ، قال كثير من الناس : الكاف زائدة للتأكيد ، والمعنى : ليس مثله شيء ، وقال الطبري وغيره : ليست بزائدة ، ولكن وضع مثله موضع هو ، والمعنى : ليس كهو شيء ، قال الزمخشري : وهذا كما تقول مثلك لا يبخل ، والمراد : أنت لا تبخل ، فنفي البخل عن مثله والمراد : نفيه عن ذاته .