صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

مدنية ، وآياتها تسع وعشرون

بسم الله الرحمان الرحيم

نزلت في السفر بين مكة والمدينة بعد منصرفه صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي القعدة سنة ست من الهجرة عند كراع الغميم {[1]} أو عند ضجنان {[2]} . فقرأها صلى الله عليه وسلم على الناس وهو على راحلته وقال : ( لقد أنزلت على الليلة سورة أحب إلي من الدنيا وما فيها ) . وقد طلب المشركون من رسول الله صلى الله عليه وسلم الموادعة على إثر مناوشات ظهر لهم فيها أن المصلحة في الصلح ، وتم على شروط قد تبدو في ظاهرها مجحفة بالمسلمين ؛ ولكنها في الواقع كانت خيرا عظيما لهم ، وشرا على الشرك والمشركين .

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } إخبار عن صلح الحديبية : عند الجمهور . وسمي هذا الصلح فتحا لاشتراكهما في الظهور على المشركين ، فإنهم ما سألوا الصلح إلا بعد أن ظهر المسلمون عليهم ورموهم بسهام وحجارة . وقيل : هو إخبار عن فتح مكة : والتعبير عنه بالماضي قبل وقوعه لتحققه . قال ابن عطية : والقول الأول هو الصحيح .


[1]:ية 17 غافر.
[2]:ية 25 النور
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفتح مدنية وآياتها تسع وعشرون ، نزلت بعد سورة الجمعة في السنة السادسة من الهجرة بعد صلح الحديبية .

وكان صلح الحديبية نصرا حقيقيا للرسول الكريم وللمؤمنين ، فقد اعترفت قريش بالرسول وبمكانته ، وبسلطة الإسلام وعظمته ، وفُتح الباب للناس للدخول في دين الله أفواجا .

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا إلى مكة ومعه ألف وأربعمائة رجل من أصحابه ، وكان خروجه في أول ذي القعدة يوم الإثنين عام ست من الهجرة . فلما وصل الحديبية ، وهي مكان قريب من مكة ، خرجت قريش ومنعتْه من دخول مكة ، مع أن الوقت كان في الأشهر الحرم حيث يجوز لكل إنسان أن يدخل مكة . فلما رأى الرسول الكريم تشدّد قريش أرسل إليهم عثمان بن عفان رضي الله عنهم ليُفهمهم أن الرسول الكريم وأصحابه لا يريدون حربا وإنما جاؤوا معتمرين . وأبطأ عثمان وأشيع أنه قُتل ، فدعا رسول الله أصحابه للبيعة ، فبايعوه بيعة الرضوان بأن يقاتلوا قريشا . وفي ذلك يقول تعالى : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } فكان فتح خيبر ، ثم فتح مكة بعد ذلك .

فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح بينه وبين قريش وعاد إلى المدينة على أن يعود إلى العمرة في مكة في العام المقبل ، فنحر الهدي في موضع الحديبية ونحر أصحابه وحلقوا وقصّروا وعادوا ، فنزلت سورة الفتح في هذا الجو العظيم .

قال موسى بن عقبة ، وهو من أوائل الذين كتبوا في السيرة : قال رجل عند رجوع المسلمين من الحديبية : ما هذا بفتح ، لقد صُددنا عن البيت الحرام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل هو أعظم الفتوح ، لقد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ، ويسألوكم القضية ، ويرغبوا إليكم في الأمان ، وقد رأوا منكم ما كرهوا .

ومعنى يسألوكم القضية : طلبوا منكم أن تقضوا عمرتكم في العام القابل . وقد رأوا منكم ما كرهوا : رأوا تجمّعكم ، وحماستكم في حفظ دينكم ، والتفافكم حول الرسول الكريم والتأهب للقتال ، فكرهوا ذلك . وقد أورد ابن هشام وكتب الحديث حادثة الحديبية بالتفصيل فليرجع إليها من أراد التفصيل .

تحدثت السورة في بدئها عن الفتح المبين الذي يسّره الله لرسوله الأمين ، وعن آثاره العظيمة في انتشار الإسلام ، وعن تثبيت قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا . وذكرت المنافقين وتذبذبهم وجبنهم ، وتشككهم في نصر الله لرسوله . وقررت إرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شاهدا ومبشرا ليحقق الإيمان بالله . ثم ذكرت المؤمنين وجميل صفاتهم ، وأشارت إلى لطف الله بهم وإكرامهم . وبعد ذلك ذكرت بيعة الرضوان وبينت اعتذار المتخلفين عن الخروج مع رسول الله ، وأنهم تخلّفوا ظنا منهم أن الله لا ينصره ، وعرضت لطلبهم الخروج للغنائم .

ثم أشارت إلى العمرة ، وذكر صفات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة ، وأخيرا بينت وعد الله تعالى لهم وللصالحين من عباده الكرامة الكبرى في الآخرة والمغفرة والأجر العظيم .

فتحنا لك فتحا مبينا : نصرناك نصرا بينا ظاهرا . وكان صلح الحديبية نصراً كبيرا للنبي الكريم ، إذ كان سببا في فتح مكة . قال الإمام الزهري : لم يكن فتحٌ أعظم من صلح الحديبية ، اختلط المشركون بالمسلمين وسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام من قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلقٌ كثير كَثُر بهم سواد الإسلام ، فما مضت تلك السنون إلا والمسلمون قد جاؤوا إلى مكة في عشرة آلاف ففتحوها . إنا فتحنا لك يا محمد فتحاً ظاهرا عظيما بذلك الصلح الذي تم على يديك في الحديبية ، وكان نتيجته الكبرى استيلاءك على مكة وإزالة الكفر منها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفتح وهي مدنية

{ 1-3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا }

هذا الفتح المذكور هو صلح الحديبية ، حين صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء معتمرا في قصة طويلة ، صار آخر أمرها أن صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين ، وعلى أن يعتمر من العام المقبل ، وعلى أن من أراد أن يدخل في عهد قريش وحلفهم دخل ، ومن أحب أن يدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده فعل .

وبسبب ذلك لما أمن الناس بعضهم بعضا ، اتسعت دائرة الدعوة لدين الله عز وجل ، وصار كل مؤمن بأي محل كان من تلك الأقطار ، يتمكن من ذلك ، وأمكن الحريص على الوقوف على حقيقة الإسلام ، فدخل الناس في تلك المدة في دين الله أفواجا ، فلذلك سماه الله فتحا ، ووصفه بأنه فتح مبين أي : ظاهر جلي ، وذلك لأن المقصود في فتح بلدان المشركين إعزاز دين الله ، وانتصار المسلمين ، وهذا حصل بذلك{[789]}  الفتح ، ورتب الله على هذا الفتح عدة أمور ، فقال :


[789]:في ب: به.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وهي عشرون وتسع آيات

{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا } حكمنا لك بإظهار دينك والنصرة على عدوك وفتحنا لك أمر الدين