صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (23)

{ ولا تنفع الشفاعة عنده } تعالى{ إلا لمن } أي لشافع{ أذن له } من النبيين والملائكة – ونحوهم من المستأهلين لمقام الشفاعة عنده – في الشفاعة لمن يستحقها . وظاهر أن الكفار لا يستحقونها ، وأن الأصنام ليست أهلا لها ؛ ونظيره قوله تعالى : " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " {[283]} ، وقوله تعالى : " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " {[284]} . وهو تكذيب لقولهم : هؤلاء شفعاؤنا عند الله : { حتى إذا فزع عن قلوبهم } أي كشف عنها الفزع . والتضعيف هنا للسلب ؛ كما في : قردت البعير : إذا أزلت قراده . ومنه التمريض . والفزع : انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف . و " حتى " غاية لما فهم مما قبلها من أن ثم انتظارا وترقبا من الراجين للشفاعة والشفعاء ، هل يؤذن لهم أولا يؤذن لهم ، والكل في فزع وخوف في ذلك الموقف الرهيب . فكأنه قيل : يتربصون ويتوقفون مليا فزعين ، حتى إذا كشف الفزع وأزيل عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة من رب العزة في إطلاق الإذن ، تباشروا بذلك فسأل بعضهم بعضا : { ماذا قال ربكم قالوا الحق } أي القول الحق ، وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى .


[283]:آية 255 البقرة.
[284]:آية 28 الأنبياء.