الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡۚ فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ وَٱذۡكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمۡ وَإِن كُنتُم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (198)

قوله : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ) [ 197 ] . أي لا حرج ولا ضيق في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده . ونزلت هذه الآية( {[6488]} ) في قوم كانوا لا يتجرون( {[6489]} ) إذا أحرموا ، يرونه من البر ، فأعلمهم الله أنه لا حرج فيه وليس من البر( {[6490]} ) .

وقيل : إن قوماً كانوا يزعمون أنه ليس لتاجر ولا جَمَّال ولا أجير حج( {[6491]} ) ، فأعلمهم( {[6492]} ) الله أن ذلك مباح( {[6493]} ) .

قوله : ( فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ ) [ 197 ] : أي اندفعتم( {[6494]} ) .

وسميت( {[6495]} ) عرفات بهذا الاسم ، لأن نعتها كان عند إبراهيم صلى الله عليه وسلم . فلما رآها( {[6496]} ) عرفها( {[6497]} ) ، فقال : " قد عرفت " فسميت " عرفات " ( {[6498]} ) .

وقال السدي : " لما أذَّن [ إبراهيم في الناس بالحج ]( {[6499]} ) أجابوه بالتلبية ، فأمره( {[6500]} ) الله عز وجل أن يخرج إلى عرفات ، ونعتها له فخرج . فلما بلغ الشجرة عند العقبة ، استقبله الشيطان يرده فرماه بسبع حصيات/يكبر( {[6501]} ) مع كل حصاة فطار ، فوقع على الجمرة الثانية وهي [ عقبة الثنية ]( {[6502]} ) فصده فرماه وكبر ، فطار ، فوقع على الجمرة الثالثة فرماه وكبر ، فلما رأى أنه لا يطيقه( {[6503]} ) ذهب ، فلم يدر إبراهيم أين يذهب حتى أتى ذا المجاز رآه . فلما نظر إليه ، لم يعرفه وهو مكان ، فسمي ذلك " المجاز " . ثم انطلق حتى وقف بعرفات ، فلما نظر إليه ، لم يعرفه وهو مكان ، فسمي ذلك " المجاز " . ثم انطلق حتى وقف بعرفات ، فلما نظر إليها عرف النعت ، فقال : قد عرفت فسمي " عرفات " ، فوقف بها حتى إذا أمسى ازدلف إلى " جمع " ، فسمي " المزدلفة " /فوقف " بِمَجمع " ( {[6504]} ) .

وقال ابن عباس : " كان جبريل( {[6505]} ) يُعَلِّمُ إبراهيم( {[6506]} ) المناسك ، وإبراهيم صلى الله عليه وسلم يقول : قد عرفت ، فلذلك سميت عرفات . وسمي الموسم موسماً لأن الناس يسم فيه بعضهم بعضاً أي يعرف " ( {[6507]} ) .

والمشعر( {[6508]} ) هو ما بين جبلي المزدلفة من حد منتهى مأزمي عرفة إلى محسر ، وليس مأزماً عرفة من المشعر( {[6509]} ) .

وموضع المصلى اليوم( {[6510]} ) في بطن عرفة ، فإذا خرج الإنسان منه صار بعرفة .

قوله : ( وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِينَ ) [ 197 ] .

معناه : وما كنتم من قبل الهدى إلا من الضالين ، " فَإنْ " بمعنى " ما " واللام بمعنى " إلا " ( {[6511]} ) .

وقد قيل : إنَّ " إنْ " ( {[6512]} ) بمعنى " قد " ذكره الطبري( {[6513]} ) ، وليس بجيد في اللغة .


[6488]:- قوله: "هذه الآية" سقط من ع3.
[6489]:- في ع2، ق: يتجروا.
[6490]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 4/163، وأسباب النزول 57.
[6491]:- قوله: "البر، وقيل...حج" ساقط من ق.
[6492]:- في ق: علمهم. وهو تحريف.
[6493]:- في ع3: مباح لهم في ذلك.
[6494]:- انظر: تفسير القرطبي 2/414.
[6495]:- في ع1: سمت.
[6496]:- قوله: "عرفات بهذا الاسم...رآها" ساقط من ق.
[6497]:- في ع1: ما عرفها.
[6498]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 4/173، والمحرر الوجيز 2/127.
[6499]:- في ع3: إبراهيم صلى الله عليه وسلم في الناس في الحج.
[6500]:- في ع1، ق: فأمر.
[6501]:- في ق: فكبر.
[6502]:- في ع3: عاقبة الثانية.
[6503]:- في ع3: يطيقوا.
[6504]:- انظر: جامع البيان 4/172-173.
[6505]:- في ع2، ع3: جبريل عليه السلام.
[6506]:- في ع3: إبراهيم. وهو تحريف.
[6507]:- انظر: جامع البيان 4/173، وتفسير ابن كثير 1/241.
[6508]:- في ع3: المشهور. وهو تحريف.
[6509]:- وبمثله قال الطبري وابن عطية. انظر: جامع البيان 4/176-177، والمحرر الوجيز 2/127، وهو عند ابن جبير ما بين جبلي جمع. انظر: تفسير الثوري 65.
[6510]:- في ح: اليوم هو.
[6511]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 4/173، وتفسير القرطبي 2/427.
[6512]:- سقط من ق، ع3.
[6513]:- انظر: جامع البيان 4/184.