ثم قال : { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله }[ 34 ] .
أي : هي ما أشعرهم الله به ، وأعلمهم إياه من أمر دينه . فبين أن ذبح البدن هو مما أعلمهم الله به من أمور دينه والتقرب إليه به . أي : من إعلام الله ، أمركم بنحرها في مناسك حجكم إذا قلدتموها وأشعرتموها .
( والبدن ){[46931]} جمع بدنة ، كخشبة وخشب ، إلا أن الإسكان في ( بدن ) أحسن ، والضم في ( خشب ) أحسن ، لأن بدنا أصله النعت ، لأنه من البدانة وهو السمن وخشبة اسم غير نعت . والنعت أثقل من الاسم ، فكان إسكانه وتخفيفه أولى{[46932]} من الاسم .
( والبدن ){[46933]} : الإبل . وإنما سميت بدنا{[46934]} لأجل السمانة والعظم . وقوله : { لكم فيها خير }[ 34 ] .
أي : أجر في الآخرة بنحرها والصدقة منها وفي الدنيا : الركوب إذا احتيج إلى ركوبها .
ثم قال تعالى : { فاذكروا اسم الله عليها صواف }[ 34 ] أي : انحروها واذكروا اسم الله عليها قائمة على ثلاثة تعقل اليد اليسرى .
وقال ابن عباس{[46935]} : { فاذكروا اسم الله عليها } قال : الله أكبر ، الله أكبر ، اللهم منك ولك . { صواف } قياما على ثلاثة .
وقرأ الحسن والأعرج{[46936]} : صَوَافِي ، جمع صافية ، ومعناها مخلصين في نحرها لله لا شرك فيها لأحد .
وقرأ ابن مسعود{[46937]} صَوَافِنَ . جمع صافنة ، وهي القائمة على ثلاث .
وروي عن مجاهد{[46938]} أنه قال : ( صواف ) ، قائمة على أربع مصفوفة . و( صوافن ) : قائمة على ثلاث .
قال قتادة{[46939]} : معقولة اليد اليمنى .
وقال مجاهد{[46940]} : ( اليسرى ) .
ونحر النبي صلى الله عليه وسلم بدنة قياما{[46941]} . ودل على ذلك قوله : { فإذا وجبت جنوبها }[ 34 ] .
أي : إذا سقطت على جنوبها . وهو قول : مالك والشافعي وأحمد{[46942]} وأصحاب الرأي . واستحب عطاء أن تنحر باركة معقولة لئلا{[46943]} تؤذي بدمها أحدا{[46944]} . وقد روى جابر{[46945]} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، كانوا ينحرون البدنة معقولة اليد اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها{[46946]} .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذبح : بسم الله والله أكبر .
وقوله تعالى : { فكلوا منها }[ 34 ] . إباحة ، لأن المشركين كانوا لا يأكلون من ذبائحهم ، فرخص الله للمسلمين في ذلك . ثم قال : { وأطعموا القانع والمعتر }[ 34 ] .
قال ابن عباس{[46947]} : القانع : المستغنى بما أعطيته . وهو في بيته ، والمعتر : الذي يتعرض لك ويلم [ رجاء ]{[46948]} أن تعطيه ، ولا يسأل .
وقال مجاهد{[46949]} : ( القانع ) جارك ، يقنع بما أعطيته . ( والمعتر ) : الذي يتعرض لك ، ولا يٍسألك .
وعن ابن عباس{[46950]} : ( القانع ) الذي يقنع بما عنده ولا يسأل ، ( والمعتر ) الذي يعتريك فيسألك .
وقال قتادة{[46951]} : ( القانع ) : المتعفف الجالس في بيته ، ( والمعتر ) الذي يعتريك فيسألك{[46952]} .
وقال الحسن{[46953]} : ( القانع ) السائل ، والمعتر : الذي يتعرض ولا يسأل .
وكذلك قال زيد بن أسلم وابن جبير أن القانع : السائل .
وعن مجاهد{[46954]} : ( القانع ) جارك وإن كان غنيا . ( والمعتر ) : الذي يعتريك .
وعن زيد بن أسلم أيضا{[46955]} : ( القانع ) : المسكين الطواف . ( والمعتر ) : الصديق الضعيف الذي يزور .
وقال محمد بن كعب القرظي{[46956]} : ( القانع ) : الذي يقنع بالشيء اليسير يرضى به ، ( والمعتر ) الذي يمر بجانبك ولا يٍسأل شيئا .
وقيل : ( القانع ) الذي هو فقير لا يسأل . ( والمعتر ) الفقير الذي يسأل .
وعن مجاهد{[46957]} : ( القانع ) : الطامع . ( والمعتر ) الذي يعتر{[46958]} من غني أو فقير .
وقال عكرمة{[46959]} : ( القانع ) : الطامع .
وقال ابن زيد{[46960]} : ( القانع ) : المسكين . ( والمعتر ) : الذي يتعرض{[46961]} للحم وليس
له ذبيحة ، يجيء إلى القوم من أجل لحمهم .
وقال مالك{[46962]} : أحسن ما سمعت أن القانع هو الفقير ، وأن ( المعتر ) هو الزائر .
يقال : قنع الرجل يقنع قنوعا ، إذا سأل ، وقنع يقنع قناعة ، إذا رضي/ ( فهو قنع ) .
وقرأ أبو{[46963]} رجاء : { وأطعموا القانع } على معنى الذي يرضى بما عنده .
وقرأ الحسن{[46964]} : { والمعتر } وهي لغة فيه ، يقال : اعتره واعتراه إذا تعرض لما عنده ، وإن{[46965]} طلبه .
ثم قال : { كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون }[ 34 ] .
أي : هكذا{[46966]} سخرنا لكم البدن لعلكم تشكرون على تسخيرها أيها الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.