تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا ذَلُولٞ تُثِيرُ ٱلۡأَرۡضَ وَلَا تَسۡقِي ٱلۡحَرۡثَ مُسَلَّمَةٞ لَّا شِيَةَ فِيهَاۚ قَالُواْ ٱلۡـَٰٔنَ جِئۡتَ بِٱلۡحَقِّۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ} (71)

الآية 71 وقوله تعالى : ( قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون ) ]{[979]} .

وقوله : ( لا ذلول تثير الأرض ) قيل : لم يذللها العمل ، أي لم يزرع عليها ، ولا هي مما يسقى{[980]} عليها [ الحرث ، وقيل : ( لا ذلول تثير الأرض ) ]{[981]} أي بقرة وحشية صعبة ( تثير الأرض ولا تسقي الحرث ) ولكن إثارة الأرض لم تذللها لصعوبتها وشدتها .

وقوله : ( وما كادوا يفعلون ) قيل فيه بوجوه : [ قيل ]{[982]} : ( وما كادوا يفعلون ) خوفا على أنفسهم أن يفتضحوا لظهور القاتل ، وقيل : ( وما كادوا يفعلون ) لغلاء ثمنها ، والأول أقرب ، والله أعلم . وقيل : إنهم استقصوا في [ صفة ]{[983]} تلك البقرة والسؤال عن أحوالها ، والاستقصاء في الشيء ربما يكون للمدافعة ، والله الموفق .

وقوله{[984]} : ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) وقوم موسى مع غلظ أفهامهم ورقة عقولهم ، أعرف بالله وأجمل{[985]} توحيدا من المعتزلة : لأنهم قالوا : لو{[986]} شاء الله لكنا من المهتدين ، والمعتزلة يقولون : قد شاء الله أن يهتدوا [ وشاؤوا هم ألا يهتدوا ]{[987]} فغلبت مشيئتهم على مشيئة الله تعالى على قولهم{[988]} . فنعوذ بالله من السرف في القول والجهل في الدين .

وفي قوله : ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) دليل لأبي حنيفة رضي الله عه وأصحابه أن من حلف لا يأكل لحم بقرة ، فأكل لحم ثور حنث ، لأن الله تعالى ذكر البقرة ، ثم بين في آخره ما يدل أنه أراد به الثور لقوله{[989]} : ( لا ذلول تثير الأرض ) والثور هو الذي يثير الأرض ، ويسقي الحرث دون الأنثى{[990]} ؛ لذلك كان الجواب على ما ذكرنا إلا أن يكونوا هم كانوا يحرثون بالأنثى{[991]} كما يحرث أهل الزمان بالذكر ، فحينئذ لا يكون فيه دليل لما ذكرنا ، والله أعلم .


[979]:- لم تدرج الآيتان كاملتين في الأصل.
[980]:- من ط م، في الأصل و ط ع: يبقى.
[981]:- من ط م.
[982]:- من ط ع.
[983]:- من ط م.
[984]:- أدرجت العبارة: وقوله... في الدين في ط م قبل تفسير قوله: (لا ذلول تثير الأرض).
[985]:- في ط م: وأمهل، في الأصل و ط ع: وأجهل.
[986]:- في النسخ الثلاث: إن.
[987]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.
[988]:- من ط م، في الأصل و ط ع: قلوبهم.
[989]:- من ط م، في الأصل و ط ع: بقوله.
[990]:- أدرج في النسخ الثلاث بعدها: منها والصواب حذفها.
[991]:- درج في النسخ الثلاث بعدها: منها والصواب حذفها.