تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةٗۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (74)

الآية74 وقوله : ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله )

ضرب الله لقلوبهم مثلا بالحجارة ، وشبهها بها لقساوتها وشدة صلابتها وأنها أشد قسوة من الحجارة ؛ وذلك أن من الحجارة مع صلابتها وشدتها مع فقد أسباب الفهم والعقل وزوال الخطاب منها [ ما ]{[1003]} تخضع له ، وتتصدع [ كقوله ]{[1004]} ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) [ الحشر : 21 ] وقوله : ( فلما تجلى ربه للجبل ) الآية{[1005]} [ الأعراف : 143 ] .

وقلب الكافر مع وجود أسباب الفهم والعقل وسعة سببية القبول لا يخضع له ولا يلين ، وكذلك أخبر الله عز وجل [ عن الجبال أنها تلين ، وتخضع لهول ذلك اليوم بقوله : ( وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) [ القارعة : 5 ] وقلب الكافر لا يلين أبدا ، أو أن يقال : إن الله عز وجل ]{[1006]} جعل من الجبال{[1007]} منافع للخلق مع صلابتها وشدتها حتى يتفجر منها{[1008]} الأنهار والمياه ، وقلب الكافر مع احتمال ذلك وإمكانه لا منفعة منه لأحد ، وبالله التوفيق .

ثم{[1009]} وجه حكمة ضرب قلوبهم مثلا بالحجارة وتشبيهها بها دون غيرها من الأشياء الصلبة من الحديد والصفر وغيرهما . ذلك ، والله أعلم ، أن الحديد يلينه النار ، وكذلك الصفر حتى يضرب منها الأواني ، [ والحجر لا تلينه النار ]{[1010]} ولا شيء ؛ لذلك شبه قلب الكافر بها . وهذا ، والله أعلم ، في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا .

وقوله : ( وما الله بغافل عما تعملون ) خرجت على الوعيد أبلغ الوعيد والوعظ حتى ذكرهم علمه بما يعملون .


[1003]:- من ط م.
[1004]:- من ط م و ط ع.
[1005]:- أدرج في ط ع تتمة الآية بدل هذه الكلمة.
[1006]:- من ط م.
[1007]:- في ط ع: الجبل.
[1008]:- في النسخ الثلاث: منه.
[1009]:- أدرج في ط ع قبل هذه الكلمة العنوان التالي: حكمة ضرب قلب الكافر مثلا بالحجارة.
[1010]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.