الآية 25 : وقوله تعالى : { إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام } قوله : { كفروا } هو خبر ماض ، وقوله : { ويصدون } خير مستقبل ، فنسق المستقبل على الماضي . وقال الزجاج : [ معناه : ] {[12976]} إن الكافرين والصادين عن سبيل الله { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم } .
وعندنا تأويله : إن الذين كفروا قبل أن يبعث محمد ، ويصدون عن سبيل الله إذا بُعث محمد . ثم يحتمل قوله : { والمسجد الحرام } [ وجهين :
أحدهما : ] {[12977]} كانوا يمنعون المسلمين عن دخول المسجد الحرام للإسلام والسؤال عنه .
والثاني : إخراجهم منه كقوله : { وإخراج أهله منه أكبر عند الله } [ البقرة : 217 ] .
وقوله تعالى : { الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد } ظاهر هذا أن يكون الذي جعل فيه العاكف والبادي سواء المسجد الحرام لأنه قال : { جعلناه للناس سواء } .
لكن أهل التأويل صرفوا ذلك إلى مكة ، وقالوا : { سواء العاكف فيه والباد } في النزول في المنازل .
وظاهره ما ذكرنا . ثم يحتمل أن يكون المسجد مخصوصا بهذا ليس كسائر المساجد التي لها أهل أحق بها من غيرهم . وأما المسجد الحرام فإن الناس شرع{[12978]} سواء العاكف فيه والبادي .
ويحتمل أن يكون [ ذكر في ] {[12979]} المسجد الحرام أن الناس فيه [ سواء ] {[12980]} ليعلموا أن الحكم في سائر المساجد كذلك أي{[12981]} الناس فيها سواء أهلها وغير أهلها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم } قال بعضهم : الإلحاد فيه ، هو الشرك والكفر ، وقال [ بعضهم ] {[12982]} : الإلحاد هو كل المعاصي . وأصل الإلحاد ، هو العدول والميل عن الطريق . وتأويله : ومن يُلحد فيه إلحاد ظلم نذقه كذا .
وقال بعضهم : من هم فيه بإلحاد بظلم نذقه كذا .
ثم يحتمل تخصيص ذلك المكان بما ذكر وجوها :
أحدها : ليعلموا أن كثرة الخيرات وتضاعفها مما لا يعمل في إسقاط المساوئ فيه وهدمها لما روي : ( إن الصلاة واحدة بمكة تعدل كذا صلاة في غيرها من الأماكن ، وكذلك حسنة فيها ) [ بنحوه الطبراني في الكبير 1/907 ] .
والثاني : خصت بالذكر على التغليظ والتشديد على ما خصت تلك البُقعة بتضاعف الحسنات .
والثالث : أولئك ادَّعَوا أنهم أولى بالله من غيرهم لنزولهم ذلك المكان . فأخبر أن من يُرد فيه بكذا نُذِقْهُ . ليس تخصيص ذلك المكان بما ذكر والعفو في غيره ، ولكن بما ذكرنا .
وقال بعضهم : معناه : من يُرد فيه إلحاد بظلم ، والباء زائدة . ومثله قوله : { تنبت بالدهن } [ المؤمنون : 20 ] معناه ، تنبت الدهن .
رُوي بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( احتكار الطعام بمكة إلحاد ) [ أبو داود : 2020 ] وكذلك روي عن عمر وابن عمر . وجائز أن يكون ما ذكرنا من التغليظ والتشديد وتضاعف العقوبة . ولذلك كره قوم الجوار بمكة لما تتضاعف بها{[12983]} العقوبة إذا ارتكب [ فيها مأثم ، وألحد فيها ] {[12984]} وجائز ما ذكرنا .
وقد كره قوم بيع{[12985]} رباع مكة وإيجارها{[12986]} بقوله : { سواء العاكف فيه والباد } . وعلى ذلك رويت الأخبار بالنهي عن ذلك .
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أنه ] {[12987]} قال : ( مكة مباحة ، لا تباع رباعها ، ولا تؤجر بيوتها ) [ السيوطي في الدر المنثور : 6/26 ] .
وعن{[12988]} عمر رضي الله عنه ( يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا ليرد البادي حيث شاء ) [ عبد الرزاق الصنعاني في المصنف 9211 ] ونهاهم أن يغلقوا أبواب دورهم .
وليس في ظاهر الآية ذكر مكة ، بل{[12989]} في الآية ذكر المسجد حين{[12990]} قال : { والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف والباد } وإنما ذكر ذلك في المسجد /347-ب/ الحرام خاصة .
وقال أبو حنيفة ، رحمه الله : أكره إيجار{[12991]} بيوت مكة في الموسم من الحاج والمعتمر . فأما المقيم والمجاور فلا نرى بأخذ ذلك منهم بأسا ، وهو قول محمد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.