تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ أَنِ ٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسۡلُكۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ مِنۡهُمۡۖ وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (27)

الآية 27 : وقوله تعالى : { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا }قال بعضهم : بمنظر منا . وقال بعضهم : بمرأى منا . وجائز أن يكون ، صلوات الله عليه ، ظن لما أمر باتخاذ الفلك أنهم لا يتركونه أن يتخذ الفلك ؛ فأخبره عز وجل أنك تتخذه بحيث نراه ؛ وتنصرك عليهم بحيث لا يملكون منعك عن اتخاذها .

وقوله تعالى : { ووحينا } أي بأمرنا .

وقوله تعالى : { فإذا جاء أمرنا وفار التنور } أي إذا جاء الموعود بأمرنا { وفار التنور } أو أن يقول : إذا جاء وقت أمرنا بالعذاب ، وفار ما ذكر أي خرج الماء من التنور ، وظهر .

وقوله تعالى : { فاسلك فيها } قيل : أدخل فيها . يقال : سلكت ( وأسلكت ، وهو من ){[1]} الإدخال كقوله : { اسلك يدك في جيبك }( القصص : 32 ) أي أدخل . وتفسير{ فاسلك }ما ذكر في آية أخرى : { قلنا احمل فيها }( هود : 40 ) .

وقوله تعالى : { من كل زوجين اثنين } يحتمل أن يكون قوله : { اثنين } نعتا{[2]} لقوله : { من كل زوجين }من الذكر والأنثى . وجائز أن يكون قوله : { من كل زوجين }أي كل زوجين عددين لونين أبيض وأسود وطيب وخبيث . وقوله تعالى : { وأهلك } أي احمل أهلك أيضا في السفينة .

وقوله تعالى : { إلا من سبق عليه القول }بالعذاب والهلاك ، وقد ذكرنا هذا في سورة هود{[3]} .

وقوله تعالى : { ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون } اختلف فيه . إنما نهاه عن مخاطبته في الذين ظلموا حين قال : { إن ابني من أهلي } ( هود : 45 ) نهاه عن أن يسأله . فإن كان على هذا فقوله : { ولا تخاطبني } أي لا تراجعني في نجاتهم ، والله أعلم .


[1]:- في ط ع: سمح.
[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.
[3]:- من ط ع، الواو ساقطة من الأصل.