تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَةٗ فَظَلَّتۡ أَعۡنَٰقُهُمۡ لَهَا خَٰضِعِينَ} (4)

[ الآية 4 ] وقوله تعالى : { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين } قالت المعتزلة : قوله : { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية } مشيئة قسر وقهر حتى يضطروا لها ، فيؤمنوا .

لكن عندنا مشيئة الإيمان والاختبار أي إن نشأ إيمانهم ننزل عليهم آية فيؤمنوا ، لأن الآية ، لا تضطر أحدا ، ولا تقهر على الإيمان ، دليله قوله : { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى } الآية [ الأنعام : 111 ] أخبر أنهم لا يؤمنون ، وإن فعل ما ذكر ، ولا يضطرهم ذلك على الإيمان ، وكذلك ما أخبر عنهم في الآخرة بقوله{[14592]} : { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له } الآية [ المجادلة : 18 ] وقوله : { ثم لم تكن فتنتهم } الآية [ الأنعام : 23 ] أخبر عن حلفهم وإنكارهم في الآخرة أنهم لم يكونوا على ما كانوا . ولا تكون آية أعظم مما عاينوا من أنواع العذاب .

ثم لم يمنعهم ذلك عن التكذيب ، ولا اضطرهم على الإقرار والتصديق . دل ، وإن كانت عظيمة ، لا تضطر أهلها على الإيمان والتصديق . وقد ذكرنا هذه المسألة في ما تقدم ما يغنينا عن ذكرها في الموضع .

وقوله تعالى : { فظلت أعناقهم لها خاضعين } أي مالت ، وخضعت لها أعناقهم ، والأعناق كأنها كناية عن أنفسهم ، وعن ابن عباس [ أنه ]{[14593]} قال : { فظلت أعناقهم لها خاضعين } قال : سيكون لنا دولة على بني أمية ، فتذل لنا أعناقهم [ خضوعا ]{[14594]} بعد صعوبة وهوانا بعد عزة ، فقد كان ذلك .

وقال بعضهم : الأعناق السادة و القادة ، والواحد عنق ، أي إذا أسلم الأتباع اتباعا لهم ، والله أعلم .


[14592]:- في الأصل وم: قال.
[14593]:- ساقطة من الأصل وم.
[14594]:- ساقطة من الأصل وم