الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَةٗ فَظَلَّتۡ أَعۡنَٰقُهُمۡ لَهَا خَٰضِعِينَ} (4)

أراد : آية ملجئة إلى الإيمان قاصرة عليه . { فَظَلَّتْ } معطوف على الجزاء الذي هو ننزل ، لأنه لو قيل : أنزلنا ، لكان صحيحاً . ونظيره : فأصدق وأكن ، كأنه قيل : أصدق . وقد قرىء : «لو شئنا لأنزلنا » . وقرىء : «فتظل أعناقهم »

فإن قلت : كيف صحّ مجيء خاضعين خبراً عن الأعناق قلت : أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين ، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع ، وترك الكلام على أصله ، كقوله : ذهبت أهل اليمامة ، كأنّ الأهل غير مذكور . أو لما وصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء ، قيل : خاضعين ، كقوله تعالى : { لِى سَاجِدِينَ } [ يوسف : 4 ] . وقيل : أعناق الناس : رؤسائهم ومقدّموهم ، شبهوا بالأعناق كما قيل لهم هم الرؤوس والنواصي والصدور . قال :

فِي مَحْفِلٍ مِنْ نَوَاصِي النَّاسِ مَشْهُودِ . . . وقيل : جماعات الناس . يقال : جاءنا عنق من الناس لفوج منهم . وقرىء : «فظلت أعناقهم لها خاضعة » . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت هذه الآية فينا وفي بني أمية . قال : ستكون لنا عليهم الدولة ، فتذلّ لنا أعناقهم بعد صعوبة ، ويلحقهم هوان بعد عزّة .