الآية 32 وقوله تعالى : { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء } قال بعض( {[16618]} ) أهل الأدب : أحد أجمع في الكلام من واحد لأنه يرجع إلى واحد وإلى جماعة ، وقوله : { كأحد } إنما يرجع إلى الفرد خاصة ، وإنما يخاطب به الواحد .
وقوله تعالى : { إن اتقيتن } يحتمل قوله : { إن اتقيتن } اختيار الدنيا وزينتها [ ويحتمل ]( {[16619]} ) : { إن اتقيتن } أيضا نقض اختيار رسول الله والدار الآخرة .
وجائز أن يكون على الابتداء : { إن اتقيتن } مخالفة الله ومخالفة رسوله ، وقوله : { لستن كأحد من النساء إن اتقيتن } فإنكن معشر أزواج النبي [ تنتظرن الوحي ]( {[16620]} ) وتصحبن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار ، وترين أفعاله وصنيعه . فإنكن أحق الناس بالتقوى وترك الميل إلى الدنيا والركون إليها ممن لا ينتظره( {[16621]} ) ، ولا يصحبه ، إلا في الأوقات مرة .
وأن يكون قوله : { لستن كأحد من النساء } في الفضيلة على غيرهن( {[16622]} ) من النساء لأنهن يكنّ أزواج رسول الله في الآخرة ، ويرتفعن إلى درجات رسول الله ، ويكن معه . فإنكن لستن كغيركن من النساء في الفضيلة والدرجة { إن اتقيتن } ما ذكرنا من مخالفة رسول الله واختيار الحياة الدنيا وزينتها والميل إليها والركون فيها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فلا تخضعن بالقول } قيل : فلا تلن في القول { فيطمع الذي في قلبه مرض } قال بعضهم : أي فجور وزنى : { وقلن قولا معروفا } أي خشنا شديدا .
وقال بعضهم : { فيطمع الذي في قلبه مرض } أي نفاق . وهذا أولى لأن أصحاب رسول الله لا يحتمل أن يكون أحد منهم يطمع في أزواج رسول الله نكاحا بحال ، أو رغبة فيهن بعد علمنا منهم أنهم إذا علموا من رسول الله رغبة في أزواجهم طلقوهن ليتزوجهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يحتمل بعدما عرف منهم هذا أن يطمع أحد منهم ، ويرغب في أزواجه نكاحا فضلا أن يرغب فجورا .
ولكن إن كان ذلك فهو من أهل النفاق . وجائز أن يرغبوا فيهن نكاحا لأنهن أعظم الناس نسبا وحسبا وأكرمهم جمالا وحسنا . فجائز وقوع الرغبة فيهن من أهل النفاق لما ذكرنا .
وأما من أهل الإيمان فلا يحتمل ذلك لما ذكرناه . يدل على ذلك قوله : { فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا } [ الأحزاب : 28 ] دل أنهن بحيث يرغب فيهن ، ويطمع .
وقال بعضهم : { فلا تخضعن بالقول } يقول : فلا ترمين بقول ، يقارب الفاحشة { فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا } أي قولا حسنا ، لا يقارب الفاحشة . لكن هذا بعيد .
وأصله : { فلا تخضعن بالقول } أي لا تقلن قولا ، تعرف به الرغبة في الرجال والميل إلى الدنيا والركون فيها { وقلن قولا معروفا } ما يكون فيه تغيير للمنكر والأمر بالمعروف ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.