ولما ذكر تعالى أن عذابهن ضعف عذاب غيرهن وأجرهن مثلا أجر غيرهن صرن كالحرائر بالنسبة إلى الإماء قال تعالى : { يا نساء النبي لستن كأحد } قال البغوي : ولم يقل كواحدة لأن الأحد عام يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث ، والمعنى : لستن كجماعة واحدة { من } جماعات { النساء } إذا تقصيت جماعة النساء واحدة واحدة لم يوجد منهن جماعة واحدة تساويكن في الفضل والسابقة . ومنه قوله تعالى : { والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرّقوا بين أحد منهم } ( النساء : 152 ) يريد بين جماعة واحدة منهم تسوية بين جميعهم في أنهم على الحق المبين وقوله تعالى : { لا نفرّق بين أحد من رسله } ( البقرة : 285 ) وقوله تعالى : { فما منكم من أحد عنه حاجزين } ( الحاقة : 47 ) والحمل على الأفراد بأن يقال : ليست كل واحدة منكن كواحدة من آحاد النساء صحيح بل أولى ليلزم تفضيل الجماعة ، بخلاف الحمل على الجمع ، وعن ابن عباس معنى لستن كأحد من النساء : يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات ، أنتن أكرم علي وثوابكن أعظم لدي .
ولما كان المعنى بل أنتن أعلى النساء ذكر شرط ذلك بقوله تعالى : { إن اتقيتن } الله تعالى أي : جعلتن بينكن وبين غضب الله تعالى وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم وقاية ، ثم سبب عن هذا النهي قوله تعالى : { فلا تخضعن } أي : إذا تكلمتن بحضرة أجنبي { بالقول } أي : بأن يكون ليناً عذباً رخماً ، والخضوع التطامن والتواضع واللين ، ثم سبب عن الخضوع قوله تعالى : { فيطمع } أي : في الخيانة { الذي في قلبه مرض } أي : فساد وريبة من فسق ونفاق أو نحو ذلك ، وعن زيد بن علي قال : المرض مرضان : مرض زنا ، ومرض نفاق ، وعن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : { فيطمع الذي في قلبه مرض } قال : الفجور والزنا قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول :
حافظ للفرج راض بالتقى *** ليس ممن قلبه فيه مرض
والتعبير بالطمع للدلالة على أن أمنيته لا سبب لها في الحقيقة ؛ لأن اللين في كلام النساء خلق لهن لا تكلف فيه ، وأريد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم التكلف للإتيان بهذه ، بل المرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الأطماع .
ولما نهاهن عن الاسترسال مع سجية النساء في رخاوة الصوت أمرهن بضده بقوله تعالى : { وقلن قولاً معروفاً } أي : يعرف أنه بعيد عن محلِّ الطمع من ذكر الله وما تحتجن إليه من الكلام مما يوجب الدين والإسلام بتصريح وبيان من غير خضوع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.