نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (32)

ولما كان لكل حق حقيقة ، ولكل قول صادق بيان ، قال مؤذناً بفضلهن : { يا نساء النبي } أي{[55528]} الذي أنتن من أعلم{[55529]} الناس بما بينه وبين الله من الإنباء بدقائق الأمور وخفايا{[55530]} الأسرار وما له من الزلفى لديه { لستن كأحد من النساء } قال البغوي{[55531]} : ولم يقل : كواحدة{[55532]} ، لأن الأحد عام يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث - انتهى ، فالمعنى كجماعات{[55533]} من جماعات النساء إذا تقصيت أمة النساء جماعة جماعة لم توجد فيهن جماعة تساويكن في الفضل لما خصكن الله{[55534]} به من قربة بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزول الوحي الذي بينه وبين الله في بيوتكن .

ولما كان المعنى : بل أنتن أعلى النساء ، ذكر{[55535]} شرط ذلك فقال : { إن اتقيتن } أي جعلتن بينكن وبين غضب الله وغضب رسوله وقاية ، ثم سبب عن هذا النفي قوله : { فلا تخضعن } أي إذا تكلمتن بحضرة أجنبي { بالقول } أي بأن يكون لينا{[55536]} عذباً رخماً ، والخضوع التطأمن والتواضع واللين والدعوة إلى السواء ؛ ثم سبب عن الخضوع : قوله : { فيطمع } أي في الخيانة { الذي في قلبه مرض } أي فساد وريبة ، والتعبير بالطمع للدلالة على أن{[55537]} أمنيته لا سبب لها في الحقيقة ، لأن اللين في كلام النساء خلق لهن لا تكلف فيه ، فأريد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم التكلف للإتيان بضده .

ولما نهاهن عن الاسترسال مع سجية النساء في رخامة الصوت ، أمرهن بضده فقال : { وقلن قولاً معروفاً } أي{[55538]} يعرف أنه بعيد عن محل الطمع .


[55528]:زيد في ظ: من.
[55529]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أعظم.
[55530]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: خفيات.
[55531]:راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 5/212.
[55532]:من ظ وم ومد والمعالم، وفي الأصل: كوحدة.
[55533]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جماعة.
[55534]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: له.
[55535]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ذكرا.
[55536]:زيد من ظ وم ومد.
[55537]:زيد من م ومد.
[55538]:من م ومد، وفي الأصل وظ: أنه.