فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَءُنزِلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ مِنۢ بَيۡنِنَاۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّن ذِكۡرِيۚ بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ} (8)

ثم استنكروا أن يخصّ الله رسوله بمزية النبوّة دونهم ، فقالوا : { أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذكر مِن بَيْنِنَا } والاستفهام للإنكار أي كيف يكون ذلك ، ونحن الرؤساء والأشراف . قال الزجاج : قالوا كيف أنزل على محمد القرآن من بيننا ، ونحن أكبر سناً ، وأعظم شرفاً منه ، وهذا مثل قولهم : { لَوْلا نُزِّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] فأنكروا أن يتفضل الله سبحانه على من يشاء من عباده بما شاء . ولما ذكر استنكارهم لنزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم دونهم بين السبب الذي لأجله تركوا تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ، فقال : { بْل هُمْ في شَكّ مّن ذِكْرِى } أي من القرآن ، أو الوحي لإعراضهم عن النظر الموجب لتصديقه ، وإهمالهم للأدلة الدالة على أنه حقّ منزل من عند الله { بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } أي بل السبب أنهم لم يذوقوا عذابي ، فاغترّوا بطول المهلة ، ولو ذاقوا عذابي على ما هم عليه من الشرك والشكّ لصدّقوا ما جئت به من القرآن ، ولم يشكوا فيه .

/خ11