اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيۡنَا مَزِيدٞ} (35)

قوله : { لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا } يجوز أن يتعلق «فيهَا » ب «يشاؤون » ويجوز أن يكون حالاً من الموصول{[52528]} ، أو من عائِدِهِ{[52529]} والأول أولى .

فصل

ما الحكمة في أنه تعالى قال : ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ على المخاطبة ، ثم قال : «لَهُمْ » ولم يقل : لَكُم ؟

فالجواب من وجوه :

الأول : أن قوله تعالى : «ادْخُلُوهَا » فيه مقدر ، أي فيُقَال لَهُمُ ادْخُلُوها .

فلا يكون التفاتاً .

الثاني : أنه التفات ، والحكمة الجمع بين الطرفين ، كأنه تعالى يقول : غير محلّ بهم في غيبتهم وحضورهم .

ففي حضورهم الحبور ، وفي غيبتهم الحورُ والقُصُور .

الثالث : أنه يجوز أن يكون قوله تعالى : «لَهُمْ » كلاماً مع الملائكة ، يقول للملائكة توكلوا بخدمتهم ، وَاعْلَمُوا أَنّ لهم ما يشاؤون فيها فأَحْضِروا بين أيديهم ما يشاؤون ، وأما أنا فعندي ما لا يخطر ببالهم ولا تَقْدِرُون أنتم عليه{[52530]} .

و«المزيد » يحتمل أن يكون معناه الزيادة{[52531]} ، كقوله تعالى : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] ويحتمل أن يكون بمعنى المفعول{[52532]} ، أي عندنا ما نَزيدهُ على ما يَرْجُون ويَأمَلُونَ{[52533]} .

قال أنس وجابر : هو النظر إلى وجه الله الكريم{[52534]} .


[52528]:وهو "ما" من "ما يشاؤون".
[52529]:المحذوف وتقديره يشاؤونه وانظر التبيان 1177.
[52530]:الرازي في مرجعه السابق 28/181.
[52531]:فيكون مصدرا ميميا من الثلاثي.
[52532]:ومعنى المفعول متأتّ منق وله نزيده أي الهاء.
[52533]:وقد قال بهذين الإعرابين الإمام أبو عبد الله فخر الدين الرازي في مرجعه السابق.
[52534]:القرطبي 17/21.