الآية 122 وقوله تعالى : { أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس/160-ب/ بخارج منها } يشبه : أمن{[7719]} أخرج من ذلك ، فأبصر ، وسمع ، وعقل ، كمن ترك في تلك الظلمات ، ولم يخرج منها ؟ يقول ، والله أعلم ، لا يستوي من أخرج من ظلمات البطن بعدما كان لا يبصر ، ولا يسمع ، ولا يعقل ، ولا يفهم ، ثم أبصر ، وسمع ، وعقل ، والذي ترك في تلك الظلمات على الحال التي كان [ كما ]{[7720]} هو لا يبصر ، ولا يسمع ، ولا يعقل .
فعلى ذلك لا يستوي المؤمن الذي يبصر الحق ، ويسمع ، ويعقل كل خبر ، ويعلمه { وجعلنا له نورا يمشي به في الناس } بنوره [ يمشي ]{[7721]} أصحاب يدعون الناس إلى الهدى والخير ، والكافر الذي لا يبصر الحق{[7722]} ، ولا يسمع ، ولا يعقل ، ليس له أصحاب يدعونه إلى الهدى والخيرات : أي ليس هذا كذلك الذي يبصر ، ويسمع ، ويعقل ، كالذي لا يبصر ، ولا يسمع ، ولا يعقل .
وجائز أن يكون المثل الذي ضرب الله أن يكون المؤمن والكافر جميعا حيين في الجوهر . لكن المؤمن اكتسب ما به يحيى أبدا من العلم والقرآن والإيمان ، والكافر لم يكتسب من ذلك شيئا ؛ فهو كالميت الذي لا يبصر ، ولا يسمع الحق ، ولا يعقل .
ويحتمل هذا المثل وجها آخر ، وهو أن المؤمن يكتسب في الدنيا الخيرات والأعمال الصالحة ، ويكون له نور في الآخرة بالأعمال التي اكتسب في الدنيا ، ويمشي بنور ذلك في ما بين الناس في الآخرة . وأما الكافر فإنه لم يكتسب من ذلك شيئا ، فيبقى في الظلمات كقوله تعالى : { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } [ الحديد : 13 ] .
وقوله تعالى : { وجعلنا له نورا يمشي به في الناس } والمعتزلة يقولون : هم جعلوا لأنفسهم نورا يمشون [ به ]{[7723]} في الناس ، وقد أخبر أنه هو الذي يجعل لهم ذلك [ النور ، فذلك ]{[7724]} تحريف منهم [ في ]{[7725]} ظاهر القرآن .
وكذلك قوله تعالى : { وهو على كل شيء قدير } [ هود : 4 ] وهم يقولون : هو قدر على بعض الأشياء ، وقال تعالى : { هو خالق كل شيء } [ الأنعام : 102 و . . ] وهم يقولون : هو خالق بعض الأشياء ، وقال تعالى : { ولو شاء الله ما فعلوه } [ الأنعام : 137 ] وهم يقولون : شاء ألا يفعلوا ما فعلوا ، ولكن فعلوا غير ما شاء الله ، وكذلك قوله تعالى : { ولو شاء ربك ما فعلوه } [ الأنعام : 112 ] وهم يقولون : شاء غير الذي فعلوا ، وكذلك [ قوله تعالى ]{[7726]} : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا } [ الأنعام : 112 ] وهم يقولون : لم يجعل لكل نبي عدوا ، وهم جعلوا أنفسهم لهم أعداء ، وكذلك قوله تعالى : { وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها } [ الأنعام : 123 ] وهم يقولون : جعل الأكابر فيها لئلا يمكروا فيها .
وقوله تعالى : { كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون } اختلف فيه : قال بعضهم : كما زينا للمؤمنين عبادة الله كذلك زينا للكافرين عبادة الله ، لكنهم تعاندوا ، وصرفوا العبادة إلى غير الله ، وهو تأويل المعتزلة .
وقال قائلون : زين لهم أعمالهم التي يعملونها .
ثم اختلف في الذي زينها ؛ قال الحسن : زين{[7727]} الشيطان أعمالهم ، وقال غيرهم : زينها الأكابر على الأصاغر ، وقال{[7728]} قائلون : زينها الله ، ولكن ما أضيف إلى الشيطان من التزيين والإضلال إنما يضاف إلى ما يدعوهم ، ويحثهم على ذلك وما يضاف إلى الله من التزيين والإضلال والإزاغة وغير ذلك ، يضاف للخلق ؛ أي خلق منهم فعل الإضلال وفعل التزيين وفعل الزيغ ، يضاف إلى الله خلقا وإلى الشيطان والأكابر دعاء ووحيا وإلقاء . وعلى{[7729]} هذا تخرج جميع الإضافات ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.