تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (14)

الآية 14 وقوله تعالى : { قل أغير الله أتخذ وليا } وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه ربا . كأن هذا صلة قوله تعالى : { قل لمن ما في السماوات والأرض } قالوا لله . فإذا أقررتم أن ذلك كله لله فكيف تتخذون له شركاء ، فتعبدون غير الله ؟ وهو { فاطر السماوات والأرض } ومنشئهما ومنشئ ما فيهما . كيف صرفتم العبادة إلى غير الله ؟

وقوله تعالى : { وهو يطعم ولا يطعم } قال أهل التأويل : هو يرزق ، ولا يرزق ، وليس كمن له عبيد في الشاهد يرزقهم بعضهم بعضا الموالي من العبيد والعبيد من السادات ؛ ينتفع بعضهم من بعض . فأما الله سبحانه وتعالى [ فقد ]{[6946]} خلق الخلق لا لمنفعة نفسه لأنه غني بذاته ، والخلق فقراء إليه كقوله تعالى . { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد } [ فاطر : 15 ] .

وقوله تعالى : { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم } قال الحسن : أول من أسلم من قومه . وأصله : { إني أمرت أن أكون أول من أسلم } أي أمرت أن أسلم ، وأختضع{[6947]} أنا أولا ، ثم آمركم بذلك .

واحتج بعض الناس بظاهر هذه الآية أن الإسلام لا يلزم إلا بالأمر والدعاء إليه ، وقالوا : إن من مات قبل أن يؤمر به وقبل أن يدعى إليه فإنه لا شيء عليه . وعلى ذلك من مات في وقت الفترة وانقطاع الرسل والوحي لأنه قال : { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم } أخبر أنه أمر بذلك . وإذا لم يكن ثم أمر لم يلزم . لكن الوجه في الآية ما ذكرنا ؛ أي أمرت أن أسلم ، وأخضع أولا ، ثم آمر غيري . فإذا كان التأويل هذا بطل أن يكون في ذلك حجة لهم .


[6946]:- ساقطة من الأصل و م.
[6947]:- في م: وأخضع.