تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ} (15)

الآية 15 : وقوله تعالى : { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } اختلف في قوله : { يومئذ } فذكر أبو بكر الأصم أن هذا في الدنيا ؛ يقول : إنهم حجبوا عن عبادة ربهم بما عبدوا غير الله تعالى ، فصارت عبادتهم غير الله حجابا عن عبادته .

وذكر أهل التفسير أن هذا في الآخرة ؛ ثم منهم من يقول : إنهم حجبوا عن لقاء ربهم ، وأوجبوا بهذا القول الرؤية للمؤمنين ، منهم من يقول : هم محجوبون ، أي عن كرامته{[23299]} التي أعدها لأوليائه وعن رحمته ، فعوقبوا بالحجب عن ذلك جزاء لصنيعهم ، لأنهم في الدنيا ضيعوا نعم الله تعالى ، فلم يتقبلوها بالشكر ، ولم يؤمنوا برسوله الذي بعثه رحمة للعالمين ، فأبلسوا من رحمته وكرامته في الآخرة عقوبة لهم ومجازاة ، وهو كقوله تعالى : { نسوا الله فنسيهم } [ التوبة : 67 ] أي جعلهم كالشيء المنسي الذي لا يعبأ به ، فعلى ما [ وجد منهم ]{[23300]} من المعاملة لآياته وحججه بتركهم الالتفات إليها عوملوا بمثله في الآخرة وكقوله{[23301]} في آية أخرى : { قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا } [ طه : 125 ] .


[23299]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: ذكر الله.
[23300]:في الأصل وم: وجدت.
[23301]:في الأصل وم: قال.