نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ} (15)

ولما كان ادعاؤهم إنما هو قول قالوه بأفواههم لا يتجاوزها عظيماً جداً ، أعاد ردعهم{[72207]} عنه وتكذيبهم فيه فقال{[72208]} : { كلا } أي ليس الأمر كما قالوا من الأساطير لا في الواقع ولا عندهم فليرتدعوا عنه أعظم ارتداع . ولما كان قول الإنسان لما لا يعتقده ولا هو في الواقع كما في غاية العجب لا يكاد يصدق ، علله مبيناً أن الحامل لهم عليه إنما هو الحجاب الذي ختم به سبحانه على قلوبهم ، فقال مؤكداً لمن{[72209]} ينكر ذلك من المغرورين : { إنهم عن ربهم } أي عن ذكر المحسن إليهم وخشيته ورجائه { يومئذ } أي إذ قالوا هذا القول الفارغ . ولما كان المانع إنما هو الحجاب ، بني للمفعول قوله : { لمحجوبون * } فلذلك استولت عليهم الشياطين والأهوية ، فصاروا يقولون ما لو عقلت البهائم لاستحيت من أن تقوله ، والأحسن أن تكون الآية بياناً وتعليلاً لويلهم الذي سبق الإخبار به ، ويكون التقدير : يوم إذ كان يوم الدين ، ويكون المراد الحجاب عن الرؤية ، ويكون في ذلك بشارة للمؤمنين بها . وقال البغوي{[72210]} : قال أكثر المفسرين : عن رؤيته ، وقال : إن الإمامين الشافعي وشيخه مالكاً استدلا بهذه الآية على الرؤية ، وأسند الحافظ أبو نعيم في الحلية{[72211]} في ترجمة الشافعي أنه قال : في هذه الآية دلالة على أن أولياءه يرونه على صفته ، و-{[72212]} قال ابن{[72213]} الفضل : كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته ، وقال الحسن{[72214]} : لو علم الزاهدون والعابدون أنهم لا يرون ربهم في المعاد لزهقت أنفسهم في الدنيا . وقال القشيري : ودليل الخطاب يوجب أن يكون المؤمنون يرونه كما يعرفونه اليوم انتهى{[72215]} . وفيه تمثيل لإهانتهم بإهانة من يمنع الدخول على الملك .


[72207]:من ظ و م، وفي الأصل: ردهم.
[72208]:من ظ و م، وفي الأصل: قال.
[72209]:في ظ: لأجل من.
[72210]:راجع المعالم 7/ 184.
[72211]:راجع 9/117.
[72212]:زيد من م.
[72213]:من م والمعالم، وفي الأصل و ظ: أبو.
[72214]:راجع المعالم 7/184.
[72215]:زيد من ظ و م.