النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ} (7)

وفي قوله تعالى : { الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمُ } خمسة أقاويل : أحدها : أنهم الملائكة .

والثاني : أنهم الأنبياء .

والثالث : أنهم المؤمنون بالكتب السالفة .

والرابع : أنهم المسلمون وهو قول وكيع .

والخامس : هم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومَنْ معه مِنْ أصحابه ، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد .

وقرأ عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير : ( صِرَاطَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ )

وأما قوله : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ } فقد روى عن عديِّ بن حاتم قال : سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن المغضوب عليهم ، فقال : " هُمُ اليَهُود " وعن الضالين فقال : " هُمُ النَّصارى{[21]} " .

وهو قول جميع المفسرين .

وفي غضب الله عليهم ، أربعة أقاويل :

أحدها : الغضب المعروف من العباد .

والثاني : أنه إرادة الانتقام ، لأن أصل الغضب في اللغة هو الغلظة ، وهذه الصفة لا تجوز على الله تعالى .

والثالث : أن غضبه عليهم هو ذَمُّهُ لهم .

والرابع : أنه نوع من العقوبة سُمِّيَ غضباً ، كما سُمِّيَتْ نِعَمُهُ رَحْمَةً .

والضلال ضد الهدى ، وخصّ الله تعالى اليهود بالغضب ، لأنهم أشد عداوة .

وقرأ عمر بن الخطاب ( غَيْرِ الْمغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ الضَّآلِّين ) .


[21]:- الترمذي رقم 2957 ومسند أحمد 4/ 378.