المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

31- إن تبتعدوا عن الذنوب العظيمة التي ينهاكم الله عنها نمنع عنكم ما دونها من السيئات والصغائر ما دمتم باذلين جهدكم في الاستقامة ، وننزلكم في الدنيا والآخرة منزلاً فيه إحسان لكم وتكريم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

قوله تعالى : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } ، اختلفوا في الكبائر التي جعل الله اجتنابها تكفيراً للصغائر .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا محمد بن مقاتل ، أنا النضر ، أخبرنا شعبة ، أنا فراس ، قال : سمعت الشعبي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الكبائر : " الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا مسدد ، أنا بشر بن الفضل ، أنا الجريري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله عز وجل ، وعقوق الوالدين ، وجلس وكان متكئاً فقال : ألا وقول الزور ، ألا وقول الزور ، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ) .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، أنا أحمد بن عيسى اليرني ، أنا محمد بن كثير ، أنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ومنصور ، وواصل الأحدب ، عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله رضي الله عنهما قال : قلت : يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : أن تدعو لله نداً وهو خلقك ، قلت : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يطعمك معك ، قلت : ثم أي ؟ قال : أن تزني بحليلة جارك . فأنزل الله تعالى تصديقها { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون } الآية .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثني سليمان عن ثور بن زيد عن أبي الغيث ، أنا أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) .

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، والأمن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أنا شعبة عن سعيد بن إبراهيم ، قال : سمعت حميد بن عبد الرحمن يحدث عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من الكبائر أن يسب الرجل والديه ، قالوا : يا رسول الله وكيف يسب الرجل والديه ؟ قال : نعم يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه ) .

وعن سعيد بن جبير : أن رجلاً سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن الكبائر : أسبع هي ؟ قال : هي إلى السبعمائة أقرب ، إلا أنه لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار . وقال : كل شيء عصي الله به فهو كبيرة ، فمن عمل شيئاً منها فليستغفر فإن الله لا يخلد في النار من هذه الأمة إلا راجعاً عن الإسلام ، أو جاحداً فريضة ، أو مكذباً بقدر .

وقال عبد الله بن مسعود : ما نهى الله تعالى عنه في هذه السورة إلى قوله تعالى : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } . فهو كبيرة .

وقال علي بن أبي طالب : هي كل ذنب ختمه الله بنار ، أو غضبن أو لعنة ، أو عذاب . وقال الضحاك : ما أوعد الله عليه حداً في الدنيا أو عذاباً في الآخرة . وقال الحسن بن الفضل : ما سماه الله في القرآن كبيراً ، أو عظيماً ، نحو قوله تعالى : { إنه كان حوباً كبيراً } [ النساء :2 ] . { إن قتلهم كان خطأ كبيرا } [ الإسراء :31 ] ، { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان :13 ] ، { إن كيدكن عظيم } [ يوسف :28 ] { هذا بهتان عظيم } [ النور :16 ] { إن ذلكم كان عند الله عظيماً } [ الأحزاب :53 ] .

قال سفيان الثوري : الكبائر ما كان فيه المظالم بينك وبين عباد الله تعالى ، والصغائر ما كان بينك وبين الله تعالى ، لأن الله كريم يعفو ، واحتج بما أخبرنا الشيخ أبو القاسم عبد الله بن علي الكرماني ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد ، أنا الحسن بن داود البلخي ، أنا يزيد بن هارون ، أنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ينادي مناد من بطنان العرش يوم القيامة ، يا أمة محمد إن الله عز وجل قد عفا عنكم جميعاً المؤمنين والمؤمنات ، تواهبوا المظالم وادخلوا الجنة برحمتي ) . وقال مالك بن مغول : الكبائر ذنوب أهل البدع ، والسيئات ذنوب أهل السنة . وقيل الكبائر ذنوب العمد ، والسيئات الخطأ والنسيان وما أكره عليه ، وحديث النفس المرفوع عن هذه الأمة ، وقيل : الكبائر ذنوب المستحلين مثل ذنب إبليس ، والصغائر ذنوب المستغفرين مثل ذنب آدم عليه السلام . وقال السدي : الكبائر ما نهى الله عنه من الذنوب الكبائر ، والسيئات مقدماتها وتوابعها مما يجتمع فيه الصالح والفاسق ، مثل النظرة واللمسة والقبلة وأشباهها .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( العينان تزنيان ، واليدان تزنيان ، والرجلان تزنيان ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه ) . وقيل : الكبائر ما يستحقره العباد ، والصغائر ما يستعظمونه فيخافون مواقعته ، كما أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد ابن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو الوليد ، أنا مهدي بن ميمون عن غيلان ، عن أنس قال : إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، إن كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات .

وقيل : الكبائر الشرك ، وما يؤدي إليه ، وما دون الشرك فهو من السيئات .

قال الله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } .

قوله تعالى : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } أي : من الصلاة إلى الصلاة ، ومن الجمعة إلى الجمعة ، ومن رمضان إلى رمضان .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنا مسلم بن الحجاج حدثني هارون بن سعيد الأبلي ، أنا ابن وهب عن أبي صخر أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن ما اجتنب الكبائر ) .

قوله تعالى : { وندخلكم مدخلاً كريماً } ، أي : حسناً وهو الجنة ، قرأ أهل المدينة { مدخلاً } بفتح الميم هاهنا وفي الحج ، وهو موضع الدخول ، وقرأ الباقون بالضم على المصدر بمعنى الإدخال .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

{ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا }

وهذا من فضل الله وإحسانه على عباده المؤمنين وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات غفر لهم جميع الذنوب والسيئات وأدخلهم مدخلا كريما كثير الخير وهو الجنة المشتملة على ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

ويدخل في اجتناب الكبائر فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة ، كالصلوات الخمس ، والجمعة ، وصوم رمضان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر " .

وأحسن ما حُدت به الكبائر ، أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا ، أو وعيد في الآخرة ، أو نفي إيمان ، أو ترتيب لعنة ، أو غضب عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

{ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } كبائر الذنوب التي نهاكم الله ورسوله عنها ، وقرئ كبير على إرادة الجنس . { نكفر عنكم سيئاتكم } نغفر لكم صغائركم ونمحها عنكم .

واختلف في الكبائر ، والأقرب أن الكبير كل ذنب رتب الشارع عليه حدا أو صرح بالوعيد فيه . وقيل ما علم حرمته بقاطع . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " أنها سبع : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، والربا ، والفرار من الزحف ، وعقوق الوالدين " . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ( الكبائر إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع ) . وقيل أراد ههنا أنواع الشرك لقوله : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وقيل صغر الذنوب وكبرها بالإضافة إلى ما فوقها وما تحتها ، فأكبر الكبائر الشرك وأصغر الصغائر حديث النفس وبينهما وسائط يصدق عليها الأمران ، فمن عن له أمران منها ودعت نفسه إليها بحيث لا يتمالك فكفها عن أكبرها كفر عنه ما ارتكبه لما استحق من الثواب على اجتناب الأكبر . ولعل هذا مما يتفاوت باعتبار الأشخاص والأحوال ، ألا ترى أنه تعالى عاتب نبيه عليه الصلاة والسلام في كثير من خطواته التي لم تعد على غيره خطيئة فضلا عن أن يؤاخذه عليها . { وندخلكم مدخلا كريما } الجنة وما وعد من الثواب ، أو إدخالا مع كرامة . وقرأ نافع هنا وفي الحج بفتح الميم وهو أيضا يحتمل المكان والمصدر .