الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

عن أبي هريرةَ وأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ، أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ علَى المِنْبَرِ ، ثُمَّ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، ثم سَكَتَ ، فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَبْكِي ، حَزِيناً لِيَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ قَالَ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يُؤَدِّي الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ ، وَيَجْتَنِبُ الكَبَائِرَ السَّبْعَ ، إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ ثَمانِيَةُ أَبْوَابِ مِنَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، حَتَّى أِنَّها لَتُصَفِّقُ ، ثُمَّ تَلاَ : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ }[ النساء :31 ] انتهى من " التذكرة " للقرطبيِّ . ونحوُهُ ما رواه مُسْلِمٌ ، عن أبي هريرةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ ، وَالجُمُعَةَ إِلَى الجُمُعَةِ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ ، إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ ) ، قال القرطبيُّ : وعلَى هذا جماعةُ أهل التأويل ، وجماعةُ الفقهاءِ ، وهو الصحيحُ ، أنَّ الصغائر تُكَفَّرُ باجتنابِ الكبائرِ قَطْعاً ، بِوَعْدِ اللَّهِ الصِّدْق ، وقولِهِ الحَقِّ سبحانه ، وأما الكَبَائِرُ ، فلا تكفِّرها إِلا التوبةُ منْهَا ، انتهى .

قلْتُ : وفي صحيح مُسْلِمٍ ، عن أبي هريرة ( رضي اللَّه عنه ) ، أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، والسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ الغَافِلاَتِ المُؤْمِنَاتِ ) انتهى .