بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

قوله تعالى : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } قال مقاتل : يعني ما نهي عنه من أول هذه السورة إلى هذه الآية وقال في رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه . { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } الكبائر كل شيء سمى الله تعالى فيه النار لمن عمل بها ، أو شيء نزل فيه حدّ في الدنيا ، فمن اجتنب من هذا وهو مؤمن كفر الله عنه ما سواه من الصلاة إلى الصلاة ، والجمعة إلى الجمعة ، وشهر رمضان إلى شهر رمضان إن شاء الله تعالى . قال : حدّثنا محمد بن الفضل ، قال : حدّثنا محمد بن جعفر ، قال : حدّثنا إبراهيم بن يوسف ، قال : حدّثنا وكيع عن الأعمش ، عن أبي الضحاك ، عن مسروق ، عن ابن مسعود قال : الكبائر من أول السورة إلى قوله { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } . وروي عن ابن مسعود أنه قال : الكبائر أربعة : الإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله ، والشرك بالله . وروى عامر الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ألا أُنْبِئَكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ : الإِشْرَاكُ باللهِ ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ » وقال ابن عمر الكبائر تسعة : الشرك بالله ، وقتل المؤمن متعمداً ، والفرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا والسحر ، وعقوق الوالدين ، واستحلال حرمة البيت الحرام . ويقال : الكبيرة ما أصر عليها صاحبها . ويقال : لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار .

ثم قال تعالى : { نُكَفّرْ عَنْكُمْ سيئاتكم } يقول : نمحو عنكم ذنوبكم ما دون الكبائر { وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } في الآخرة وهي الجنة . قرأ نافع : { مدخلاً } بنصب الميم ، والباقون بالضم . فمن قرأ بالنصب فهو اسم الموضع وهو الجنة ، ومن قرأ بالضم فهو المصدر والموضع جميعاً .