الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

وقرأ ابن جبير وابن مسعود { كبير } : بالإِفراد ، والمراد به الكفر . وقرأ المفضل " يُكَفِّرْ " و " يُدْخِلْكم " بياء الغيبة لله تعالى . وابن عباس " مِنْ سيئاتكم " بزيادة " من " .

وقرأ نافع وحده هنا وفي الحج : " مَدْخَلاً " بفتح الميم ، والباقون بضمها ، ولم يختلفوا في ضم التي في الإِسراء . فأما المضمومُ الميمِ فإنه يحتمل وجهين ، أحدهما : أنه مصدر ، وقد تقرَّر أن اسم المصدر من الرباعي فما فوقَه كاسمِ المفعول ، والمَدْخول فيه على هذا محذوفٌ أي : ويُدْخِلْكم الجنة إدخالاً . والثاني : أنه اسم مكان الدخول ، وفي نصبِه حينئذ احتمالان ، أحدُهما : أنه منصوبٌ على الظرف ، وهو مذهبُ سيبويه . والثاني : أنه مفعولٌ به وهو مذهب الأخفش . وهكذا كلُّ مكان مختص بعد " دخل " فإن فيه هذين المذهبين ، وهذه القراءةُ واضحةٌ ؛ لأنَّ اسم المصدر والمكان جاريان على فعليهما .

وأمَّا قراءة نافع فتحتاج إلى تأويل ، وذلك لأن المفتوح الميم إنما هو من الثلاثي ، والفعلُ السابق لهذا كما رأيت رباعي ، فقيل : إنه منصوب بفعلٍ مقدر مطاوع لهذا الفعل ، والتقدير : يُدْخلكم فتدخلون مَدْخلاً ، و " مَدْخلاً " منصوب على ما تقدم : إمَّا المصدريةِ وإمَّا المكانيةِ بوجهيها . وقيل : هو مصدر على حذف الزوائد نحو : { أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] على أحد القولين .