فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

{ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم وندخلكم مدخلا كريما }

{ كبائر ما تنهون عنه } مناهي الله التي توجب الحد أو صرح عليها بالوعيد .

من يبتعد عن فعل الذنوب العظيمة التي أوجب الله على فاعلها الحد ، أو صرح عليها بوعيد ، فإنه إن يفعل ذنبا صغيرا يستره ربه عليه ولا يؤاخذه به ، وفوق ذلك يتفضل عليه بإدخاله دار النعيم والكرامة والخلد ؛ وهذه البشرى كالتي بينها قول الحق- تقدست أسماؤه : ( . . ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى . الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم . . ) ( {[1368]} ) ، وقد أورد في الحديث النبوي الشريف صحاح كثيرة تبين عظائم الذنوب ، روى الشيخان في صحيحيهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " ( {[1369]} ) ؛ ورويا عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه " قالوا : وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال : " يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه " ، وفيهما كذلك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ وفي رواية : أكبر ؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " قلت : ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قلت : ثم أي ؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " ثم قرأ : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا . إلا من تاب . . ) ( {[1370]} ) ؛ وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : " الإشراك بالله وعقوق الوالدين " - وكان متكئا فجلس ، فقال : " ألا وشهادة الزور ألا وقول الزور " ، فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت ؛ وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات " قيل : يا رسول الله ، وما هن ؟ قال : " الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " ؛ عن طاوس قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال : أرأيت الكبائر السبع التي ذكرهن الله ما هن ؟ قال : هن إلى السبعين أدنى منهن إلى سبع . ( {[1371]} )


[1368]:من سورة النجم. من الآيتين: 31-32.
[1369]:اللؤلؤ والمرجان.
[1370]:حديث رقم 43. والآيات من سورة الفرقان.
[1371]:نقل هذا ابن جبير، وروايته عن سعيد بن جبير عنه، بزيادة: غير أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار.