التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

قوله تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) . ذلك وعد من الله كريم بالتجاوز عن صغائر الذنوب إذا ما اجتنبت الكبائر . وفي ذلك دلالة على أن الذنوب قسمان : كبائر وصغائر . والكبائر أشدها الشرك بالله ، وتأتي بعد ذلك آثام كثيرة مثل الزور والربا وعقوق الوالدين وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات الغافلات والهرب من أرض المعركة في جبن وخسّة وكذلك إلحاق الأذى بالجار والزنا وشرب الخمر والميسر ، كل أولئك من كبريات الذنوب الموبقة التي تودي بصاحبها إلى الجحيم إلا أن يتفضل الله برحمة . وعلى العموم فإن الضابط الذي يمكن أن نتعرف بوساطته على الكبيرة هو أن يكون الذنب الذي ورد فيه النهي قد ختم بغضب من الله أو لعنة أو ما توعد الله فيه بالنار والعذاب الشديد . وما كان غير ذلك فهو من الصغائر التي يعفوا الله عنها إن شاء . ومن مثل الصغائر اللمس والنظرة . وقيل القبلة .

قوله : ( وندخلكم مدخلا كريما ) ، ( مدخلا ) بضم الميم وفي إعرابه وجهان : احدهما : أن يكون منصوبا على المصدر . أي إدخال . ويحتمل أن يكون المدخل هنا بمعنى المكان فيكون منصوبا على أنه مفعول به ، والمدخل الكريم هو الجنة وذلك جزاء المتقين الذين يحبسون أنفسهم عن المعاصي الكبيرة ويقبلون على الطاعات والفرائض . يقول النبي ( ص ) : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " {[737]} .

وأخرج الإمام احمد عن أبي أيوب قال : قال رسول الله ( ص ) : " من عبد الله لا يشرك به شيئا وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان واجتنب الكبائر ، فله الجنة " فسأله رجل : ما الكبائر ؟ فقال : " الشرك بالله ، وقتل نفس مسلمة ، والفرار من الزحف " .


[737]:- رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة.