المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

بدأت هذه السورة بنداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتقي الله ويتوكل عليه ، وانتقلت إلى الحديث عن الأدعياء ، ونفت أنهم لمن تبناهم ، وذكرت ما أوجبه الله لرسوله من المحبة والطاعة ، وما أوجبه لأمهات المؤمنين من الاحترام والتوقير ، وعرضت لما أخذه على النبيين من العهد في تبليغ الرسالات ، وفصلت غزوة الأحزاب وما كان فيها من خوف واضطراب ، وما تم للمؤمنين من نصر تحقق به وعد الله ، وعنيت بذكر الآداب التي ينبغي لنساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلكنها ويأخذن أنفسهن بها ، وعادت إلى الحديث عن النبيين ، وهدمت ما كان معروفا في الجاهلية من حرمة التزوج بحليلة الدعى على من تبناه ، ونوهت بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأثنت عليه بما هو أهله ، وأوصت بالمتعة والسراح الجميل لمن طلقت قبل الدخول ، وخصت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أباحت له أن يدخل بمن وهبت نفسها له ، وصرحت بأنه لا يحل له النساء بعد التسع ، ثم بينت السورة الكريمة ما يجب على المؤمنين مراعاته في دخولهم بيوت النبي للطعام وفي انصرافهم عقبه ، وفي سؤالهم أزواجه من وراء حجاب ، وطالبت أمهات المؤمنين بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ، وتحدثت عن الساعة وأهوال القيامة ، ونصحت بالتقوى والقول السديد ، وختمت بالحديث عن فرائض الله التي حملها الإنسان ولم تطق حملها السماوات والأرض والجبال .

ومن ثم يتبين أن أهم أهدافها : الحديث عن الأدعياء ، وهدم العادة التي سادت من تحريم حلائلهم ، على من تبنوهم ، وامتنان الله تعالى على المؤمنين بتحقيق ما وعدهم من النصر والغلبة على المشركين ، وتفصيل ما شرعه الله للمؤمنين في دخول بيوت النبي ، وتحريم أزواجه عليهم ، وتحديد الآداب الخاصة بأمهات المؤمنين .

1- يا أيها النبي : استمر على ما أنت عليه من تقوى الله ، ولا تقبل رأيا من الكافرين والمنافقين ، إن الله محيط علما بكل شيء ، حكيم في أقواله وأفعاله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحزاب مدنية وآياتها ثلاث وسبعون .

قوله تعالى : { يا أيها النبي اتق الله } نزلت في أبي سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبي جهل ، وأبي الأعور عمرو بن سفيان السلمي ، وذلك أنهم قدموا المدينة فنزلوا على عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين بعد قتال أحد ، وقد أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمان على أن يكلموه ، فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وطعمة بن أبيرق ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، وعنده عمر بن الخطاب : ارفض ذكر آلهتنا ، اللات والعزى ومناة ، وقل : إن لها شفاعة لمن عبدها ، وندعك وربك ، فشق على النبي صلى الله عليه وسلم قولهم ، فقال عمر : يا رسول الله ائذن لنا في قتلهم ، فقال : إني قد أعطيتهم الأمان ، فقال عمر : اخرجوا في لعنة الله وغضبه ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر أن يخرجهم من المدينة فأنزل الله تعالى : { يا أيها النبي اتق الله } أي : دم على التقوى ، كالرجل يقول لغيره وهو قائم : قم ها هنا ، أي : اثبت قائماً . وقيل الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به الأمة . وقال الضحاك : معناه اتق الله ولا تنقض العهد الذي بينك وبينهم . { ولا تطع الكافرين } من أهل مكة ، يعني : أبا سفيان ، وعكرمة ، وأبا الأعور ، { والمنافقين } من أهل المدينة ، عبد الله بن أبي ، وعبد الله بن سعد ، وطعيمة { إن الله كان عليماً } بخلقه ، قبل أن خلقهم ، { حكيماً } فيما دبره لهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الأحزاب وهي مدنية

{ 1 - 3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا }

أي : يا أيها الذي منَّ اللّه عليه بالنبوة ، واختصه بوحيه ، وفضله على سائر الخلق ، اشكر نعمة ربك عليك ، باستعمال تقواه ، التي أنت أولى بها من غيرك ، والتي يجب عليك منها ، أعظم من سواك ، فامتثل أوامره ونواهيه ، وبلغ رسالاته ، وأدِّ إلى عباده وحيه ، وابذل النصيحة للخلق .

ولا يصدنك عن هذا المقصود صاد ، ولا يردك عنه راد ، فلا تطع كل كافر ، قد أظهر العداوة للّه ورسوله ، ولا منافق ، قد استبطن التكذيب والكفر ، وأظهر ضده .

فهؤلاء هم الأعداء على الحقيقة ، فلا تطعهم في بعض الأمور ، التي تنقض التقوى ، وتناقضها ، ولا تتبع أهواءهم ، فيضلوك عن الصواب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الأحزاب

[ وهي ] {[1]} مدنية .

قال [ عبد الله بن ] الإمام أحمد{[2]} : حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عاصم بن بَهْدَلَة ، عن زِرِّ قال : قال لي أُبي بن كعب : كَأين تقرأ سورة الأحزاب ؟ أو كَأين تعدها ؟ قال : قلت : ثلاثا وسبعين آية : فقال : قَط ! لقد رأيتها وإنها لتعادل " سورة البقرة " ، ولقد قرأنا فيها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، نكالا من الله ، والله عليم{[3]} حكيم " {[4]} .

ورواه النسائي من وجه آخر ، عن عاصم - وهو ابن أبي النجود ، وهو ابن بَهْدَلَة - به{[5]} . وهذا إسناد حسن ، وهو يقتضي أنه كان{[6]} فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضا ، والله أعلم .

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا تنبيه بالأعلى على الأدنى ، فإنه تعالى إذا كان يأمر عبده ورسوله بهذا ، فَلأن يأتمر من دونه بذلك بطريق الأولى والأحرى . وقد قال طَلْق بن حبيب : التقوى : أن تعمل بطاعة الله ، على نور من الله ، ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله ، على نور من الله ، مخافة عذاب الله .

وقوله : { وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } أي : لا تسمع منهم ولا تستشرهم ، { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي : فهو أحق أن تتبع أوامره وتطيعه ، فإنه عليم بعواقب الأمور ، حكيم في أقواله وأفعاله ؛ ولهذا قال : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ }


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
[6]:تفسير الطبري (11/228).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحزاب

وآياتها ثلاث وسبعون

هذه السورة مدنية بإجماع فيما علمت ، وكذلك قال المهداوي وغيره{[1]}

قوله : { اتق } معناه : دم على التقوى ، ومتى أمر أحد بشيء هو به متلبس فإنما معناه الدوام في المستقبل على مثل الحالة الماضية ، وحذره تعالى من طاعة الكافرين وهم الُمَجِّلحون بالكفر ، {[9443]} والمنافقون ، وهم المظهرون للإيمان وهم لا يبطنونه ، وسبب الآية أنهم كانوا يتسخبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطلبات والإرادات ربما كان في إرادتهم سعي على الشرع وهم يدخلونها مدخل النصائح ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلقه العظيم وحرصه على استئلافهم ربما لاَيَنُهم{[9444]} في بعض الأمور ، فنزلت الآية بسبب ذلك تحذيراً له منهم وتنبيهاً على عداوتهم والنوازل في طلباتهم كثيرة محفوظة ، وقوله { إن الله كان عليماً حكيماً } تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم ، أي لا عليك منهم ولا من إيمانهم فالله عليم بما ينبغي لك حكيم في هدي من شاء وإضلال من شاء .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[9443]:جلح في الأمر: ركب رأسه فيه وأقدم ومضى.
[9444]:في بعض النسخ: ربما لا يتهمهم.