عن زرّ قال : قال لي أبيّ بن كعب رضي الله عنه : كم تعدّون سورة الأحزاب ؟ قلت : ثلاثاً وسبعين آية . قال : فوالذي يحلف به أبيّ بن كعب ، إن كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول . ولقد قرأنا منها آية الرجم : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) ، أراد أبيّ رضي الله عنه أنّ ذلك من جملة ما نسخ من القرآن . وأمّا ما يحكى : أن تلك الزيادة كانت في صحيفة في بيت عائشة رضي الله عنها فأكلتها الداجن فمن تأليفات الملاحدة والروافض . جعل نداءه بالنبيّ والرسول في قوله : { يا أيها النبى اتق الله } { يا أيها النبى لِمَ تُحَرّمُ } [ التحريم : 1 ] ، { يا أيها الرسول بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } [ المائدة : 67 ] وترك نداءه باسمه كما قال : يا آدم ، يا موسى ، يا عيسى ، يا داود : كرامة له وتشريفاً ، وربئاً بمحله وتنويهاً بفضله .
فإن قلت : إن لم يوقع اسمه في النداء فقد أوقعه في الإخبار في قوله : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله } [ الفتح : 29 ] ، { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ } [ آل عمران : 144 ] . قلت : ذاك لتعليم الناس بأنه رسول الله وتلقين لهم أن يسموه بذلك ويدعوه به ، فلا تفاوت بين النداء والإخبار ، ألا ترى إلى ما لم يقصد به التعليم والتلقين من الأخبار كيف ذكره بنحو ما ذكره في النداء { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ } [ التوبة : 128 ] ، و { وَقَالَ الرسول يارب } [ الفرقان : 30 ] ، { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [ الأحزاب : 21 ] ، { والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [ التوب : 62 ] ، { النبى أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [ الأحزاب : 6 ] . { إِنَّ الله وملائكته يُصَلُّونَ عَلَى النبى } [ الأحزاب : 56 ] ، { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالْلهِ والنَّبِىّ } [ المائدة : 81 ] ، اتق الله : واظب على ما أنت عليه من التقوى ، واثبت عليه ، وازدد منه ، وذلك لأن التقوى باب لا يبلغ آخره { وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين } لا تساعدهم على شيء ولا تقبل لهم رأياً ولا مشورة ، وجانبهم واحترس منهم ، فإنهم أعداء الله وأعداء المؤمنين ، لا يريدون إلا المضارّة والمضادّة . وروي : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان يحب إسلام اليهود : قريظة والنضير وبني قينقاع وقد بايعه أناس منهم على النفاق فكان يلين لهم جانبه ويكرم صغيرهم وكبيرهم . وإذا أتى منهم قبيح تجاوز عنه . وكان يسمع منهم فنزلت . وروي : أن أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا عليه في الموادعة التي كانت بينه وبينهم ، وقام معهم عبد الله بن أبيّ ومعتب بن قشير والجد بن قيس ، فقالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم : ارفض ذكر آلهتنا وقل إنها تشفع وتنفع وندعك وربك ، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين وهموا بقتلهم ، فنزلت : أي اتق الله في نقض العهد ونبذ الموادعة ، ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا إليك .
وروي أنّ أهل مكة دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يرجع عن دينه ويعطوه شطر أموالهم ، وأن يزوّجه شيبة بن ربيعة بنته ، وخوفه منافقو المدينة أنهم يقتلونه إن لم يرجع . فنزلت { إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً } بالصواب من الخطإ ، والمصلحة من المفسدة { حَكِيماً } لا يفعل شيئاً ولا يأمر به إلا بداعي الحكمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.