مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحزاب مدنية وهي ثلاث وسبعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال أبيّ بن كعب رضي الله عنه لزرّ : كم تعدون سورة الأحزاب ؟ قال : ثلاثاً وسبعين . قال : فوالذي يحلف به أبيّ إن كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول ولقد قرأنا منها آية الرجم «الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم » . أراد أبيّ أن ذلك من جملة ما نسخ من القرآن . وأما ما يحكى أن تلك الزيادة كانت في صحيفة في بيت عائشة رضي الله عنها فأكلتها الداجن فمن تأليفات الملاحدة والروافض .

{ يا أيّها النّبيّ } وبالهمز : نافع أي يا أيها المخبر عنا المأمون على أسرارنا المبلغ خطابنا إلى أحبابنا . وإنما لم يقل «يا محمد » كما قال { يا آدم } { يا موسى } تشريفاً له وتنويهاً بفضله ، وتصريحه باسمه في قوله { محمد رسول الله } [ الفتح : 29 ] ونحوه لتعليم الناس بأنه رسول الله { اتّق الله } اثبت على تقوى الله ودم عليه وازدد منه فهو باب لا يدرك مداه { ولا تطع الكافرين والمنافقين } ولا تساعدهم على شيء واحترس منهم فإنهم أعداء الله والمؤمنين . وروي أن أبا سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا المدينة بعد قتال أحد فنزلوا على عبد الله بن أبيّ وأعطاهم النبي الأمان على أن يكلموه فقالوا : ارفض ذكر آلهتنا وقل إنها تنفع وتشفع ، ووازرهم المنافقون على ذلك فهمّ المسلمون بقتلهم فنزلت . أي اتق الله في نقض العهد ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا { إنّ الله كان عليماً } بخبث أعمالهم { حكيماً } في تأخير الأمر بقتالهم .