تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الأحزاب

[ وهي ] {[1]} مدنية .

قال [ عبد الله بن ] الإمام أحمد{[2]} : حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عاصم بن بَهْدَلَة ، عن زِرِّ قال : قال لي أُبي بن كعب : كَأين تقرأ سورة الأحزاب ؟ أو كَأين تعدها ؟ قال : قلت : ثلاثا وسبعين آية : فقال : قَط ! لقد رأيتها وإنها لتعادل " سورة البقرة " ، ولقد قرأنا فيها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، نكالا من الله ، والله عليم{[3]} حكيم " {[4]} .

ورواه النسائي من وجه آخر ، عن عاصم - وهو ابن أبي النجود ، وهو ابن بَهْدَلَة - به{[5]} . وهذا إسناد حسن ، وهو يقتضي أنه كان{[6]} فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضا ، والله أعلم .

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا تنبيه بالأعلى على الأدنى ، فإنه تعالى إذا كان يأمر عبده ورسوله بهذا ، فَلأن يأتمر من دونه بذلك بطريق الأولى والأحرى . وقد قال طَلْق بن حبيب : التقوى : أن تعمل بطاعة الله ، على نور من الله ، ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله ، على نور من الله ، مخافة عذاب الله .

وقوله : { وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } أي : لا تسمع منهم ولا تستشرهم ، { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي : فهو أحق أن تتبع أوامره وتطيعه ، فإنه عليم بعواقب الأمور ، حكيم في أقواله وأفعاله ؛ ولهذا قال : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ }


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
[6]:تفسير الطبري (11/228).