المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

5- إن الناس يطوون صدورهم كاتمين لما يجول فيها ، مجتهدين في كتمانهم ، زاعمين أن عاقبة ذلك أن تستخفي خلجات صدورهم عن الله ! ألا فليعلم هؤلاء أنهم إن آووا إلى فراشهم لابسين لباس النوم ، فاستتروا بظلام الليل والنوم وطي ما في الصدور ، فإن الله عليم بهم ، في سرهم وعلنهم ، لأنه يعلم ما يصاحب الصدور ويطوى فيها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

قوله تعالى : { ألا إنهم يثنون صدورهم } ، قال ابن عباس : نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر ، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب ، ونطوي بقلبه على ما يكره . قوله : { يثنون صدورهم } أي : يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة . قال عبد الله بن شداد : نزلت في بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره ، وطأطأ رأسه ، وغطى وجهه كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : كانوا يحنون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره . وقيل : كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه . ويقول : هل يعلم الله ما في قلبي . وقال السدي : يثنون أي : يعرضون بقلوبهم ، من قولهم : ثنيت عناني . وقيل : يعطفون ، ومنه ثني الثوب . وقرأ ابن عباس : يثنوني على وزن يحلولي جعل الفعل للمصدر ، ومعناه المبالغة في الثني . { ليستخفوا منه } ، أي : من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال مجاهد : ليستخفوا من الله إن استطاعوا ، { ألا حين يستغشون ثيابهم } ، يغطون رؤوسه بثيابهم ، { يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور } ، قال الأزهري : معنى الآية من أولها إلى آخرها : إن الذين أضمروا عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخفى علينا حالهم .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد ابن إسماعيل ، ثنا الحسن بن محمد بن صباح ثنا حجاج قال : قال ابن جريج أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ : { ألا إنهم يثنون صدورهم } ، فقال : سألته عنها قال : كان أناس يستحبون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء ، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء ، فنزل ذلك فيهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

{ 5 } { أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }

يخبر تعالى عن جهل المشركين ، وشدة ضلالهم ، أنهم { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } أي : يميلونها { لِيَسْتَخْفُوا } من الله ، فتقع صدورهم حاجبة لعلم الله بأحوالهم ، وبصره لهيئاتهم .

قال تعالى -مبينا خطأهم في هذا الظن- { أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } أي : يتغطون بها ، يعلمهم في تلك الحال ، التي هي من أخفى الأشياء .

بل { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } من الأقوال والأفعال { وَمَا يُعْلِنُونَ } منها ، بل ما هو أبلغ من ذلك ، وهو : { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي : بما فيها من الإرادات ، والوساوس ، والأفكار ، التي لم ينطقوا بها ، سرا ولا جهرا ، فكيف تخفى عليه حالكم ، إذا ثنيتم صدوركم لتستخفوا منه .

ويحتمل أن المعنى في هذا أن الله يذكر إعراض المكذبين للرسول الغافلين عن دعوته ، أنهم -من شدة إعراضهم- يثنون صدورهم ، أي : يحدودبون حين يرون الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يراهم ويسمعهم دعوته ، ويعظهم بما ينفعهم ، فهل فوق هذا الإعراض شيء ؟ "

ثم توعدهم بعلمه تعالى بجميع أحوالهم ، وأنهم لا يخفون عليه ، وسيجازيهم بصنيعهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

ثم حكى - سبحانه - جانبا من جهالات المنحرفين عن الحق ، ومن أوهامهم الباطلة فقال - تعالى - :

{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } .

وقوله : { يَثْنُونَ } من الثنى بمعنى الطى والستر . يقال : ثتنيت الثوب إذا طويته على ما فيه من الأشياء المستورة .

وثنى الصدور : إمالتها وطأطأتهها وحنيها بحيث تكون القامة غير مستقيمة ، والاستخفاء : محاولة الاختفاء عن الأعين ، ومنه قوله - تعالى -

{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله وَهُوَ مَعَهُمْ . . } وقوله : { يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ . . } أى : يتدثرون ويتغطون بها ، مبالغة فى الاستخفاء عن الأعين . فالسين والتاء فيه للتأكيد ، كما فى قوله - تعالى - { واستغشوا ثِيَابَهُمْ . . . } أى : جعلوا كالغشاء عليهم .

وقد ذكر بعض المفسرين فى سبب نزول هذه الآية روايات منها : أنه كان الرجل من الكفار يدخل بينه ، ويرخى ستره ، ويحنى ظهره ، ويتغشى بثوبه ثم يقول : هل يعلم الله ما فى قلبى فنزلت هذه الآية .

وقيل : نزلت فى المنافقين ، كان أحدهم إذا مر بالنبى - صلى الله عليه وسلم - ثنى صدره ، وتغشى بثوبه لئلا يراه .

وقيل : " نزلت فى الأخنس بن شريق ، وكان رجلا حلو المنطق ، حسن السياق للحديث ، يظهر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحبة ، ويضمر فى قلبه ما يضادها . . "

وعلى أية الحال فإن الآية الكريمة تصور تصويرا بديعا جهالات بعض الضالين بعلم الله - تعالى - المحيط بكل شيء ، كما تصور تصويرا دقيقا أوضاعهم الحسية حين يأوون إلى فراشهم ، وحين يلتقون بالنبى - صلى الله عليه وسلم - .

والضمير المجررو فى قوله { منه } يعود إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وعليه يكون المعنى :

ألا إن هؤلاء المشركين يعرضون عن لقاء النبى - صلى الله عليه وسلم - ويطأطئون رءوسهم عند رؤيته ، ليستخفوا منه ، حتى لا يؤثر فيهم بسحر بيانه .

ومع أن كلا القولين له وجاهته وله من سبب النزول ما يؤيده ، إلا أننا نميل إلى كون الضمير يعود على الله - تعالى - لأن قوله - بعد ذلك { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } يؤيد عودة الضمير إليه - سبحانه - إذ علم السر والعلن مرده إليه وحده .

وافتتحت الآية الكريمة بحرف التنبيه { ألا } وجئ به مرة أخرى فى قوله { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ . . } للاهتمام بمضمون الكلام ، وللفت أنظار السامعين إلى ما بلغه هؤلاء الضالون من جهل وانطماس بصيرة .

ثم بين - سبحانه - أنه لا يخفى عليه شئ من أحوالهم فقال : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } .

أى : ألا يعلم هؤلاء الجاهلون أنهم حين يأوون إلى فراشهم ، ويتدثرون بثيابهم ، يعلم الله - تعالى - ما يسرونه فى قلوبهم من أفكار ، وما يعلنونه بأفواههم من أقوال ، لأنه - سبحانه - محيط بهما تضمره النفوس من خفايا ، وما يدور بها من أسرار .

وجملة { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } تعليلية لتأكيد ما قبلها من علمه - سبحانه - بالسر والعلن . والمراد بذات الصدور : الأسرار المستكنة فيها .

هذا ، وقد ذكر ابن كثير رواية أخرى فى سبب نزول هذه الآية فقال : قال ابن عباس :

كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء بفروجهم وحال وقاعهم ، فأنزل الله هذه الآية رواه البخاري من حديث ابن جريج .

وفى لفظ آخر له قال ابن عباس : " أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء ، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء ، فنزل ذلك فيهم . . . "

وظاهر من هذا الكلام المنقول عن ابن عباس أنها نزلت فى شأن جماعة من المسلمين هذا شأنهم ، ولعل مراده أن الآية تنطبق على صنيعهم وليس فعلهم هو سبب نزولها ، لأن الآية مسوقة للتوبيخ والذم ، والذين يستحقون ذلك هم أولئك المشركون وأشباههم الذين أعرضوا عن الحق ، وجهلوا صفات الله - تعالى - .

قال الجمل بعد أن ذكر قول ابن عباس : " وتنزيل الآية على هذا القول بعيد جدا ، لأن الاستحياء من الجماع وقضاء الحاجة فى حال كشف العورة إلى جهة السماء ، أمر مستحسن شرعا ، فكيف يلام عليه فاعله ويذم بمقتضى سياق الآية " .

وإذا فالذى يستدعيه السياق ويقتضيه ربط الآيات ، كون الآية فى ذم المشركين ومن على شاكلتهم من المنحرفين عن الطريق المستقيم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

1

وبعد إعلان خلاصة الكتاب الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير . . يمضي السياق يعرض كيف يتلقى فريق منهم تلك الآيات ، عندما يقدمها لهم النذير البشير ، ويصور الوضع الحسي الذي يتخذونه والحركة المادية المصاحبة له وهي إحناء رؤوسهم وثني صدورهم للتخفي . ويكشف عن العبث في تلك المحاولة وعلم الله يتابعهم في أخفى أوضاعهم ؛ وكل دابة في الأرض مثلهم يشملها العلم اللطيف الدقيق :

( ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه . ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ، إنه عليم بذات الصدور . وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ، ويعلم مستقرها ومستودعها . كل في كتاب مبين ) . .

والآيتان الكريمتان تستحضران مشهدا فريدا ترجف له القلوب حين تتدبره وتتصوره !

ويا لها من رهبة غامرة ، وروعة باهرة ، حين يتصور القلب البشري حضور الله - سبحانه - وإحاطة علمه وقهره ؛ بينما أولئك العبيد الضعاف يحاولون الاستخفاء منه وهم يواجهون آياته يتلوها رسوله :

( ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه . ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون . إنه عليم بذات الصدور ) . .

ولعل نص الآية إنما يصور حالة واقعة كانت تصدر من المشركين ورسول الله [ ص ] يسمعهم كلام الله ؛ فيثنون صدورهم ويطأطئون رؤوسهم استخفاء من الله الذي كانوا يحسون في أعماقهم أنه قائل هذا الكلام . . وذلك كما ظهر منهم في بعض الأحيان !

ولا يكمل السياق الآية حتى يبين عبث هذه الحركة ، والله ، الذي أنزل هذه الآيات ، معهم حين يستخفون وحين يبرزون . ويصور هذا المعنى - على الطريقة القرآنية - في صورة مرهوبة ، وهم في وضع خفي دقيق من أوضاعهم . حين يأوون إلى فراشهم ، ويخلون إلى أنفسهم ، والليل لهم ساتر ، وأغطيتهم لهم ساتر . ومعذلك فالله معهم من وراء هذه الأستار حاضر ناظر قاهر . يعلم في هذه الخلوة ما يسرون وما يعلنون :

( ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ) .

والله يعلم ما هو أخفى . وليست أغطيتهم بساتر دون علمه . ولكن الإنسان يحس عادة في مثل هذه الخلوة أنه وحيد لا يراه أحد . فالتعبير هكذا يلمس وجدانه ويوقظه ، ويهزه هزة عميقة إلى هذه الحقيقة التي قد يسهو عنها ، فيخيل إليه أنه ليس هناك من عين تراه !

( إنه عليم بذات الصدور ) . .

عليم بالأسرار المصاحبة للصدور ، التي لا تفارقها ، والتي تلزمها كما يلزم الصاحب صاحبه ، أو المالك ملكه . . فهي لشدة خفائها سميت ذات الصدور . ومع ذلك فالله بها عليم . . وإذن فما من شيء يخفى عليه ، وما من حركة لهم أو سكنة تذهب أو تضيع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

قال ابن عباس : كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء بفروجهم ، وحال وقاعهم ، فأنزل الله هذه الآية . رواه البخاري من حديث ابن جُرَيْج ، عن محمد بن عباد بن جعفر ؛ أن ابن عباس قرأ : " أَلا إِنِّهُمْ تَثْنوني{[14478]} صُدُورهُم " ، فقلت : يا أبا عباس ، ما تثنوني{[14479]} صدورهم ؟ قال : الرجل كان يجامع امرأته فيستحيي - أو : يتخلى فيستحيي فنزلت : " أَلا إِنِّهُمْ تَثْنوني{[14480]} صُدُورهُم " .

وفي لفظ آخر له : قال ابن عباس : أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا ، فيفضوا إلى السماء ، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء ، فنزل ذلك فيهم .

ثم قال : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو قال : قرأ{[14481]} ابن عباس " أَلا إِنِّهُمْ يَثْنوني صُدُورهُم لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتغْشُونَ ثِيَابَهُم " .

قال البخاري : وقال غيره ، عن ابن عباس : { يَسْتَغْشُونَ } يغطون رءوسهم{[14482]} وقال ابن عباس في رواية أخرى في تفسير هذه الآية : يعني به الشك في الله ، وعمل السيئات ، وكذا روي عن مجاهد ، والحسن ، وغيرهم : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئًا أو عملوه ، يظنون أنهم يستخفون من الله بذلك ، فأعلمهم الله تعالى أنهم{[14483]} حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ، { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } {[14484]} من القول : { وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي : يعلم ما تكن صدورهم من النيات والضمائر والسرائر . وما أحسن ما قال زهير بن أبي سلمى في معلقته المشهورة :

فَلا تَكْتُمُنَّ الله ما في نفوسكم *** ليخفى ، فمهما يُكتم{[14485]} الله يَعْلم

يُؤخَر فيوضَع في كتاب فَيُدخَر*** ليوم حساب ، أو يُعَجل فَيُنْقمِ{[14486]}-{[14487]}

فقد اعترف هذا الشاعر الجاهلي بوجود الصانع وعلمه بالجزئيات ، وبالمعاد وبالجزاء ، وبكتابة الأعمال في الصحف ليوم القيامة .

وقال عبد الله بن شداد : كان أحدهم إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى{[14488]} صدره ، وغطى رأسه فأنزل الله ذلك .

وعود الضمير{[14489]} على الله أولى ؛ لقوله : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } .

وقرأ ابن عباس : " أَلا إِنِّهُمْ تَثْنوني{[14490]} صُدُورُهُم " ، برفع الصدور على الفاعلية ، وهو قريب المعنى .


[14478]:- في ت ، أ : "تثنون".
[14479]:- في ت ، أ : "تثنون".
[14480]:- في ت ، أ : "يثنون".
[14481]:- في ت : "قال".
[14482]:- صحيح البخاري برقم (4681 - 4683).
[14483]:- في ت ، أ : "أنه".
[14484]:- في ت ، أ : "يسرونه".
[14485]:- في ت : "تكتم".
[14486]:- في ت : "فينتقم".
[14487]:- البيت في تفسير الطبري (15/233).
[14488]:- في ت ، أ : "ثنى عنه".
[14489]:- في ت ، أ : "الضمير أولا".
[14490]:- في ت ، أ : "يثنوني".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلا إِنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ } .

اختلف القرّاء في قراءة قوله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ فقرأته عامة الأمصار : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ على تقدير يفعلون من «ثنيت » ، والصدور منصوبة .

واختلفت قارئو ذلك كذلك في تأويله ، فقال بعضهم : ذلك كان من فعل بعض المنافقين كان إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم غطى وجهه وثنى ظهره . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن حصين ، عن عبد الله بن شدّاد في قوله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال : كان أحدهم إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بثوبه على وجهه وثنى ظهره .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد ، قوله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال : من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان المنافقون إذا مرّوا به ثنى أحدهم صدره ويطأطىء رأسه ، فقال الله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ . . . الآية .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : حدثنا هشيم ، عن حصين ، قال : سمعت عبد الله بن شداد يقول ، في قوله : يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال : كان أحدهم إذا مرّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره ، وتغشى بثوبه كي لا يراه النبيّ صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : بل كانوا يفعلون ذلك جهلاً منهم بالله وظنّا أن الله يخفى عليه ما تضمره صدورهم إذا فعلوا ذلك . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال : شكا وامتراء في الحقّ ، ليستخفوا من الله إن استطاعوا .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ شكّا وامتراء في الحقّ . لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال : من الله إن استطاعوا .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال : تضيق شكّا .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال : تضيق شكّا وامتراء في الحقّ ، قال : لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال : من الله إن استطاعوا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال : من جهالتهم به ، قال الله : ألاَ حِينَ يَسْتَغْثُونَ ثِيَابَهُمْ في ظلمة الليل في أجوف بيوتهم ، يَعْلَمُ تلك الساعة ما يُسِرّونَ وَما يُعْلِنُونَ إنّهُ عَلِيمٌ بذاتِ الصّدُور .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشي بثوبه .

وقال آخرون : إنما كانوا يفعلون ذلك لئلا يسمعوا كلام الله تعالى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ . . . الآية ، قال : كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله ، قال تعالى : ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرّونَ وَما يُعْلِنُونَ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا حنى صدره واستغشى بثوبه وأضمر همه في نفسه ، فإن الله لا يخفى ذلك عليه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال : أخفى ما يكون الإنسان إذا أسرّ في نفسه شيئا وتغطى بثوبه ، فذلك أخفى ما يكون ، والله يطلع على ما في نفوسهم ، والله يعلم ما يسرّون وما يعلنون .

وقال آخرون : إنما هذا إخبار من الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن المنافقين الذين كانوا يضمرون له العداوة والبغضاء ويبدون له المحبة والمودّة ، وأنهم معه وعلى دينه . يقول جلّ ثناؤه : ألا إنهم يطوون صدورهم على الكفر ليستخفوا من الله ، ثم أخبر جلّ ثناؤه أنه لا يخفى عليه سرائرهم وعلانيتهم .

وقال آخرون : كانوا يفعلون ذلك إذا ناجى بعضهم بعضا . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال : هذا حين يناجي بعضهم بعضا . وقرأ : ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ . . . الآية .

ورُوي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك : «ألا إنّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ » على مثال : تَحْلَولِي التمرة : تَفْعَوعِل .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال : سمعت ابن عباس يقرأ «ألا إنّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ » قال : كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول : سمعت ابن عباس يقرؤها : «ألا إنّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ » قال : سألته عنها ، فقال : كان ناس يستحيون أن يتخلّوا فيُفْضُوا إلى السماء ، وأن يصيبوا فيفضوا إلى السماء .

ورُوي عن ابن عباس في تأويل ذلك قول آخر ، وهو ما :

حدثنا به محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، قال : أخبرت عن عكرمة ، أن ابن عباس ، قرأ «ألا إنّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ » وقال ابن عباس : تثنوني صدورهم : الشك في الله وعمل السيئات . يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يستكبر ، أو يستكنّ من الله والله يراه ، يَعْلَمُ ما يُسِرّونَ وَما يُعْلِنُونَ .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن رجل ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قرأ : «ألا إنّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ » قال عكرمة : تثنوني صدورهم ، قال : الشك في الله وعمل السيئات ، فيستغشي ثيابه ويستكنّ من الله ، والله يعلم ما يسرّون وما يعلنون .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار ، وهو : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ على مثال «يفعلون » ، والصدور نصب بمعنى : يحنون صدورهم ويكنّونها . كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يقول : يكنّون .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يقول : يكتمون ما في قلوبهم . ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ ما عملوا بالليل والنهار .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يقول : تثنوني صدورُهم .

وهذا التأويل الذي تأوّله الضحاك على مذهب قراءة ابن عباس ، إلا أن الذي حدثنا هكذا ذكر القراءة في الرواية . فإذا كانت القراءة التي ذكرنا أولى القراءتين في ذلك بالصواب لإجماع الحجة من القرّاء عليها . فأولى التأويلات بتأويل ذلك ، تأويل من قال : إنهم كانوا يفعلون ذلك جهلاً منهم بالله أنه يخفى عليه ما تضمره نفوسهم أو تناجوه بينهم .

وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالآية ، لأن قوله : لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ بمعنى : ليستخفوا من الله ، وأن الهاء في قوله : مِنْهُ عائدة على اسم الله ، ولم يجر لمحمد ذكر قبل ، . فيجعل من ذكره صلى الله عليه وسلم وهي في سياق الخبر عن الله . فإذا كان ذلك كذلك كانت بأن تكون من ذكر الله أولى . وإذا صحّ أن ذلك كذلك ، كان معلوما أنهم لم يحدّثوا أنفسهم أنهم يستخفون من الله إلا بجهلهم به ، فلما أخبرهم جلّ ثناؤه أنه لا يخفى عليه سرّ أمورهم وعلانيتها على أيّ حال كانوا تغشوا بالثياب أو أظهروا بالبزار ، فقال : ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يعني : يتغشون ثيابهم يتغطونها ويلبسون ، يقال منه : استغشى ثوبه وتغشاه ، قال الله : واسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وقالت الخنساء :

أرْعَى النّجُومَ وَما كُلّفْتُ رِعْيَتَها *** وتارَةً أتَغشّى فَضْلَ أطْمارِى

يَعْلَمُ ما يُسِرّونَ يقول جلّ ثناؤه : يعلم ما يسرّ هؤلاء الجهلة بربهم ، الظانون أن الله يخفى عليه ما أضمرته صدورهم إذا حنوها على ما فيها وثنوه ، وما تناجوه بينهم فأخفوه وما يُعْلِنُونَ سواء عنده سرائر عباده وعلانيتهم إنّه عَلِيمٌ بذَاتِ الصّدُورَ يقول تعالى ذكره : إن الله ذو علم بكلّ ما أخفته صدور خلقه من إيمان وكفر وحقّ وباطل وخير وشرّ ، وما تستجنّه مما لم يجنه بعد . كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يقول : يغطون رؤسهم .

قال أبو جعفر ، فاحذروا أن يطلع عليكم ربكم وأنتم مضمرون في صُدُوركم الشكّ في شيء من توحيده أو أمره أو نهيه ، أو فيما ألزمكم الإيمان به والتصديق ، فتهلكوا باعتقادكم ذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

{ ألا إنهم يثنون صدورهم } يثنونها عن الحق وينحرفون عنه ، أو يعطفونها على الكفر وعداوة النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يولون ظهورهم . وقرئ " يثنوني " بالياء والتاء من اثنوني ، وهو بناء مبالغة و " تثنون " ، وأصله تثنونن من الثن وهو الكلأ الضعيف أراد به ضعف قلوبهم أو مطاوعة صدورهم للثني ، و " تثنئن " من اثنأن كابياض بالهمزة و " تثنوي " . { ليستخفوا منه } من الله بسرهم فلا يطلع رسوله والمؤمنين عليه . قيل إنها نزلت في طائفة من المشركين قالوا : إذا أرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمد كيف يعلم . وقيل نزلت في المنافقين وفيه نظر إذ الآية مكية والنفاق حدث بالمدينة . { ألا حين يستغشون ثيابهم } ألا حين يأوون إلى فراشهم ويتغطون بثيابهم . { يعلم ما يسرّون } في قلوبهم . { وما يُعلنون } بأفواههم يستوي في علمه سرهم وعلنهم فكيف يخفى عليه ما عسى يظهرونه . { إنه عليم بذات الصدور } بأسرار ذات الصدور أو بالقلوب وأحوالها .