المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة البقرة

هذه السورة مدنية نزلت بالمدينة بعد الهجرة ، وهي أطول سورة في القرآن الكريم حسب ترتيب المصحف ، وقد ابتدأت هذه السورة بتفصيل ما انتهت إليه سورة الفاتحة ، فقد ذكرت أن القرآن مصدر الهدى ، وذكرت الذين أنعم الله عليهم بالرضا ، والذين غضب عليهم من الكفار والمنافقين .

وقد تحدثت السورة عن صدق القرآن ، وأن دعوته حق لا ريب فيها ، ثم تحدثت عن أصناف الناس الثلاثة : المؤمنين ، والكافرين ، والمنافقين ، وعن الدعوة إلى عبادة الله وحده ، وعن إنذار الكافرين وتبشير المؤمنين ، ثم خصت بني إسرائيل بالدعوة والمراجعة ، وجاء فيها تذكيرهم بأيام الله وبحوادثهم مع موسى عليه السلام ، وتذكيرهم كذلك بإبراهيم وإسماعيل وبنائهما الكعبة ، واستغرق ذلك نحو نصف السورة ، وتخلله حديث موجه إلى المؤمنين للاعتبار بما حدث لليهود والنصارى .

وانتقل الحديث إلى خطاب أهل القرآن بذكر ما هو مشترك بين قوم موسى وقوم محمد من فضل إبراهيم وهدايته ونسبه ، وبذكر مسألة القبلة ونحوها .

ثم جاء الحديث عن التوحيد والتذكير بآيات الله الدالة عليه ، وجاء الحديث عن الشرك ، وعن المحرمات من الطعام ، وأن التحريم والتحليل من حق الله وحده .

وتعرضت السورة لبيان أصول البر ، وذكر بعض أحكام الصيام والوصية وأكل أموال الناس بالباطل ، والقصاص والقتال والحج والخمر والميسر والنكاح والطلاق والرضاع والعدة وغيرها ، كما تعرضت للحديث عن العقائد العامة كالرسالة والتوحيد والبعث ، وتحدثت عن الإنفاق وعن تحريم الربا والتجارة وكتابة الدّين ، ثم ختمت السورة بدعاء من المؤمنين لربهم أن ينصرهم ويؤيدهم .

وقد تضمنت هذه السورة عدة قواعد منها :

أن اتباع سبيل الله وإقامة دينه هما الموجبان للسعادة في الدنيا والآخرة ، وأنه لا يليق بعاقل أن يدعو إلى البر والفضيلة وينسى نفسه ، وأنه يجب إيثار الخير على الشر ، وترجيح الأعلى على الأدنى .

وأن أصول الدين ثلاثة ، وهي : الإيمان بالله ، والإيمان بالبعث ، والعمل الصالح .

وأن الجزاء على الإيمان والعمل معا ، وأن شرط الإيمان هو : الإذعان النفسي والتسليم القلبي لكل ما جاء به الرسول ، وأن غير المسلمين لن يرضوا عن المسلمين حتى يتبع المسلمون دين هؤلاء .

وأن الولاية العامة الشرعية يجب أن تكون لأهل الإيمان والعدل ، لا لأهل الكفر والظلم . وأن الإيمان بدين الله كما أنزله يستلزم الوحدة والاتفاق ، وأن ترك الاهتداء بذلك يورث الاختلاف والشقاق ، وأن تحقيق الأمور الجليلة يستعان عليه بالصبر والصلاة ، وأن التقليد الأعمى باطل يؤدي إلى الجهالة والعصبية .

وأن الله أحل لعباده الطيبات من المطعم ، وحرم أشياء خبيثة محدودة ، ولا يجوز لغير الله أن يحل أو يحرم ، وأن المحرمات تباح للمضطر لأن الضرورات تبيح المحظورات وتقدر الضرورة بقدرها ، وأن الدين مبني على اليسر ورفع الحرج ، فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يأمر عباده إلا بما يطيقون ، وأن إلقاء النفس إلى التهلكة حرام لا يجوز ، وأن الأشياء تطلب بأسبابها ووسائلها المؤدية إليها ، وأن الإكراه في الدين ممنوع ، وأن القتال مشروع في الإسلام للدفاع ، ولتأمين حرية الدين ، وتأمين سيادة الإسلام في مجتمعه .

وأن للمسلم أن يطلب حظه من الدنيا ، كما يؤدي واجبه نحو الآخرة ، وأن سد الذرائع وتقرير المصالح من مقاصد الشريعة .

وأن الإيمان والصبر سببان لنصرة القلة العادلة على الكثرة الباغية ، وأن أكل أموال الناس بالباطل حرام ، وأن الإنسان مجزي بعمله لا بعمل غيره ، وأن حكمة التشريع يدركها العقل السليم لما فيها من الحق والعدل ومصالح العباد .

1- ألف لام ميم : هذه حروف ابتدأ الله سبحانه وتعالى بها ليشير بها إلى إعجاز القرآن الكريم المؤلف من حروف كالحروف التي يؤلِّف منها العرب كلامهم ، ومع ذلك عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن ، وهى مع ذلك تنطوي على التنبيه للاستماع لتميز جرسها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وآياتها ست وثمانون ومائتان .

قوله تعالى : { الم } . قال الشعبي وجماعة : الم وسائر حروف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه ، وهي سر القرآن ، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها إلى الله تعالى ، وفائدة ذكرها طلب الإيمان بها . قال أبو بكر الصديق : في كل كتاب سر وسر الله في القرآن أوائل السور ، وقال علي : لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي . قال داود بن أبي هند : كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور فقال : يا داود إن لكل كتاب سراً ، وإن سر القرآن فواتح السور ، فدعها وسل عما سوى ذلك . وقال جماعة : هي معلومة المعاني ، فقيل : كل حرف منها مفتاح اسم من أسمائه كما قال ابن عباس في كهيعص : الكاف من كاف والهاء من هاد والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق . وقيل في ( المص ) أنا الله الملك الصادق ، وقال الربيع بن أنس : في الم الألف مفتاح اسمه الله ، واللام مفتاح اسمه اللطيف ، والميم مفتاح اسمه المجيد . وقال محمد بن كعب : الألف آلاء الله ، واللام لطفه ، والميم ملكه . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال معنى ( الم ) : أنا الله أعلم : ومعنى ( المص ) : أنا الله أعلم وأفصل ، ومعنى ( الر ) : أنا الله أرى ، ومعنى ( المر ) : أنا الله أعلم وأرى . قال الزجاج : وهذا حسن فإن العرب تذكر حرفاً من كلمة يريدها كقولهم :

قلت لها قفى لنا فقالت لي قاف *** . . . . . . . .

أي : وقفت ، وعن سعيد بن جبير قال : هي أسماء الله تعالى مقطعة لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم ، ألا ترى أنك تقول ( الر ، وحم ، ون ) ، فيكون الرحمن ، وكذلك سائرها إلا أنا لا نقدر على وصلها ، وقال قتادة : هذه الحروف أسماء القرآن . وقال مجاهد و ابن زيد : هي أسماء السور ، وبيانه : أن القائل إذا قال : قرأت ( المص ) . عرف السامع أنه قرأ السورة التي افتتحت ب ( المص ) ، وروى عن ابن عباس أنها أقسام ، وقال الأخفش : إنما أقسم الله بهذه الحروف لشرفها وفضلها لأنها مباني كتبه المنزلة ، ومبادي أسمائه الحسنى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{الٓمٓ} (1)

تقدم الكلام على البسملة . وأما الحروف المقطعة في أوائل السور ، فالأسلم فيها ، السكوت عن التعرض لمعناها [ من غير مستند شرعي ] ، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثا بل لحكمة لا نعلمها .