الآية1 : [ قوله تعالى ]{[143]} : ( الم ) . قيل : فيه وجوه ؛ روي عن ابن عباس [ رضي الله عنه أنه قال ]{[144]} : ( قوله ( الم ) أنا الله أعلم ) .
وقيل : إنه قسم أقسم به . وقيل : إن هذه الحروف المقطعة{[145]} مفتاح السورة . وقيل : إن كل حرف من هذه الحروف كناية عن اسم من أسماء الله : الألف الله ، واللام ، لطفه ، والميم ملكه . وقيل : إن اللام آلاؤه ، والميم مجده . وقيل : إن الألف هو الله ، واللام جبريل ، والميم محمد . وقيل : من التشبيب ليفصل بين المنظوم من الكلام والمنثور من نحو الشعر ونحوه . وقيل : إن تفسير هذه الحروف المقطعة ما ألحق ذكرها بها على إثره نحو قوله : ( الم ) ( ذلك الكتاب ) [ البقرة : 1 و2 ] ( ذلك الكتاب ) هو تفسير ( الم ) و ( الم ) ( الله لا إله إلا هو ) [ آل عمران : 1 و 2 ] و ( المص ) ( كتاب أنزل إليك ) [ الأعراف : 1 و 2 ] و( الر كتاب ) [ هود : 1 وإبراهيم : 1 ] و ( الم ) ( تلك آيات ) [ لقمان : 1و 2 ] كل ملحق بها فهو تفسيرها .
وقيل : إن فيها بيان غاية ملك هذه الأمة من حساب الجمل ، لكنهم{[146]} عدوا بعضها ، وتركوا البعض . وقيل : إنه من المتشابه الذي لم يطلع الله خلقه علم ذلك . ولله أن يمتحن عباده بما شاء من المحن .
وقيل : إنهم كانوا لا يستمعون لهذا القرآن [ كقولهم ]{[147]} ( لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه ) [ فصلت : 26 ] وكقوله ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) [ الأنفال : 35 ] ، فأنزل الله عز وجل هذه الحروف المقطعة{[148]} ليستمعوا إليها ، فيلزمهم الحجة .
الأصل في الحروف المقطعة أنه يجوز أن تكون على القسم بها على ما ذكرنا ، وأريد بالقدر الذي ذكر كلية الحروف بما كان من شأنه العرب القسم بالذي جل قدره ، وعظم خطره . وهي مما بها قوام الدارين ، وبها يتصل إلى المنافع أجمع مع ما دلت على نعمتين عظيمتين ، اللسان والسمع ، وهما مجرى كل أنواع الحكمة ؛ فأقسم بها على معنى إضمار بها أو على ما أجل قدرها في أعين الخلق ، فيقسم بها ، ولله{[149]} ذلك ، ولا قوة إلا بالله .
ويحتمل أن يكون بمعنى الرمز والتضمين في كل حرف منها أمرا جليلا يعظم خطره على ما عند الناس في أمر حساب الجمل . ثم يخرج على الرمز بها عن أسماء الله وصفاته ونعمه على خلقه أو على بيان منتهى هذه الأمة أو عدد أئمتها وملوكها والبقاع التي ينتهي أمرها . وذلك هو في نهاية الإيجاز ، بل بالاكتفاء بالرمز عن الكلام بما هو بمعنى الإشارة في الاكتفاء بها عن البسيط ، ولا قوة إلا بالله ، ليعلم الخلائق قدرة الله وأن له أن يضمن ما شاء فيما شاء على ما عليه أمر{[150]} الخلائق من [ لطيف ]{[151]} الأشياء التي كادت العقول وأسباب الإدراك تقصر عنها وكنهها التي يدركها كل [ واحد ، وبين ]{[152]} الأمرين . فعلى ذلك أمر تركيب الكلام ، ولا قوة إلا بالله .
ويجوز أن يكون بمعنى اسم السور ، ولله تسميتها بما شاء كما سمى كتبه ، وعلى ذلك : منتهى أسماء الأجناس خمسة أحرف ، وكذلك أمر السور ؛ دليل ذلك وصل كل سورة فتحت بها إليها ، كأنه بنى بها ، ولا قوة إلا بالله .
ويجوز أن يكون على التشبيب على ما ذكرنا للتفصيل{[153]} بين المنظوم من{[154]} الكلام والمنثور ؛ وفي{[155]} المتعارف أن المنظوم في الشاهد يشبب ، فيخرج عن المقصود بذلك الكلام . فعلى ذلك أمر الكلام المنزل . ألا ترى أنه خرج على ما عليه فنون الكلام في الشاهد ، إلا أنه على وجه ينقطع له المثال من كلامهم ؟ فمثله أمر التشبيب ، ولا قوة إلا بالله .
وجائز أن يكون الله أنزلها على ما أراد ليمتحن عباده بالوقف فيها وتسليم / 3-ب/ المراد في حقيقة معناه . والذي له يزول ذلك ويعترف أنه من المتشابه ، وفيها جاء تعلق الملحدة ، ولا قوة إلا بالله .
ويحتمل أن يكون ، إذ علم الله من تعنت قوم وإعراضهم عنه وقولهم ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) [ فصلت : 26 ] أنزل على وجه يبعثهم على التأمل في ذلك بما جاء بالعجيب الذي لم يكونوا يعرفون ذلك [ إما لعندهم ]{[156]} أنه كأحدهم [ وإما لسبيل ]{[157]} الطعن ، إذ خرج عن المعهود عندهم ، فتلا عليهم ما يضطرهم إلى العلم بالنزول من عند من يملك تدبير الأشياء . ولذلك اعترضوا لهذا{[158]} الأحرف بالتأمل فيها من بين الجميع ، ولا قوة إلا بالله . وقيل : إنه دعا خلقه إلى ذلك ؛ والله أعلم بما أراد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.