المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ شَكُورٌ} (23)

23- ذلك الفضل الكبير هو الذي يُبشِّر الله به عباده المؤمنين الطائعين ، قل - أيها الرسول - : لا أطلب منكم على تبليغ الرسالة أجراً إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه - سبحانه - بعمل الصالحات ، ومن يكتسب طاعة يُضاعف الله له جزاءها ، إن الله واسع المغفرة للمذنبين ، شكور لعباده طيبات أعمالهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ شَكُورٌ} (23)

قوله تعالى : { ذلك الذي } ذكرت من نعيم الجنة ، { يبشر الله به عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات } فإنهم أهله ، { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد ابن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة قال : سمعت طاوساً عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه سئل عن قوله : { إلا المودة في القربى } قال سعيد بن جبير : قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : عجلت ، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة ، فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة . وكذلك روى الشعبي و طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :( إلا المودة في القربى ) يعني : أن تحفظوا قرابتي وتودوني وتصلوا رحمي . وإليه ذهب مجاهد ، وقتادة ، وعكرمة ، ومقاتل ، والسدي ، والضحاك ، رضي الله عنهم . وقال عكرمة : لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجراً إلا أن تحفظوني في قرابتي بيني وبينكم ، وليس كما يقول الكاذبون . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في معنى الآية : إلا أن تودوا الله وتتقربوا إليه بطاعته ، وهذا قول الحسن ، قال : هو القربى إلى الله ، يقول : إلا التقرب إلى الله والتودد إليه بالطاعة والعمل الصالح . وقال بعضهم : معناه إلا أن تودوا قرابتي وعترتي وتحفظوني ، وهو قول سعيد بن جبير وعمرو بن شعيب . واختلفوا في قرابته فقيل : فاطمة الزهراء وعلي وابناهما ، وفيهم نزل : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت } ( الأحزاب-32 ) . وروينا عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي " . قيل : لزيد بن أرقم : من أهل بيته ؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا خالد ، حدثنا شعبة عن واقد قال : سمعت أبي يحدث عن ابن عمر عن أبي بكر قال : ارقبوا محمداً في أهل بيته . وقيل : هم الذين تحرم عليهم الصدقة من أقاربه ويقسم فيهم الخمس ، وهم بنو هاشم ، وبنو المطلب ، الذين لم يتفرقوا في جاهلية ولا في إسلام . وقال قوم : هذه الآية منسوخة وإنما نزلت بمكة ، وكان المشركون يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله هذه الآية فأمرهم فيها بمودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلة رحمه ، فلما هاجر إلى المدينة وآواه الأنصار ونصروه أحب الله عز وجل أن يلحقه بإخوانه من الأنبياء عليهم السلام حيث قالوا : { وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } ( الشعراء-109 ) فأنزل الله تعالى : { قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله } ، فهي منسوخة بهذه الآية ، وبقوله : { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكفلين } ( ص-86 ) ، وغيرها من الآيات . وإلى هذا ذهب الضحاك بن مزاحم ، والحسين بن الفضل . وهذا قول غير مرضي ، لأن مودة النبي صلى الله عليه وسلم وكف الأذى عنه ومودة أقاربه ، والتقرب إلى الله بالطاعة ، والعمل الصالح من فرائض الدين ، وهذه أقاويل السلف في معنى الآية ، فلا يجوز المصير إلى نسخ شيء من هذه الأشياء . وقوله : ( إلا المودة في القربى ) ، ليس باستثناء متصل بالأول حتى يكون ذلك أجراً في مقابلة أداء الرسالة ، بل هو منقطع ، ومعناه : ولكني أذكركم المودة في القربى وأذكركم قرابتي منكم ، كما روينا في حديث زيد بن أرقم : " أذكركم الله في أهل بيتي " . قوله عز وجل : { ومن يقترف حسنةً نزد له فيها حسناً } أي : من يكتسب طاعة نزد له فيها حسناً بالتضعيف ، { إن الله غفور } للذنوب ، { شكور } للقليل حتى يضاعفها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ شَكُورٌ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ الّذِي يُبَشّرُ اللّهُ عِبَادَهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ قُل لاّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَىَ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } .

يقول تعالى ذكره : هذا الذي أخبرتكم أيها الناس أني أعددته للذين آمنوا وعملوا الصالحات في الاَخرة من النعيم والكرامة ، البشرى التي يبشر الله عباده الذين آمنوا به في الدنيا ، وعملوا بطاعته فيها قُلْ لا أسألُكمْ عَلَيْهِ أجْرا يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للذين يمارونك في الساعة من مشركي قومك : لا أسألكم أيها القوم على دعايتكم إلى ما أدعوكم إليه من الحقّ الذي جئتكم به ، والنصيحة التي أنصحكم ثوابا وجزاءً ، وعوضا من أموالكم تعطونَنِيه إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبى .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله : إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبى فقال بعضهم : معناه : إلا أن تودّوني في قرابتي منكم ، وتصلوا رحمي بيني وبينكم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ويعقوب ، قالا : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن ابن عباس ، في قوله : لا أسأَلُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : لم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم إلا قرابة ، فقال : «قُل لا أسألكم عليه أجرا أن تودّوني في القرابة التي بيني وبينكم » .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : سئل عنها ابن عباس ، فقال ابن جبير : هم قربى آل محمد ، فقال ابن عباس : عجلتَ ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من بطون قريش إلا وله فيهم قرابة ، قال : فنزلت قُلْ لا أسألْكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبى قال : «إلا القرابة التي بيني وبينكم أن تصلوها » .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة في جميع قريش ، فلما كذّبوه وأبَوْا أن يبايعوه قال : «يا قوم إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم لا يكن غيركم من العرب أولى بحفظي ونُصرتي منكم » .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قُلْ لا أسألْكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، قال لقريش : «لا أسألكم من أموالكم شيئا ، ولكن أسألكم أن لا تؤذوني لقرابة ما بيني وبينكم ، فإنكم قومي وأحقّ من أطاعني وأجابني » .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن عكرمة ، قال : إن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان واسطا من قريش ، كان له في كلّ بطن من قريش نسب ، فقال : «لا أسألْكُمْ على ما أدْعُوكُمْ إلَيْهِ إلاّ أنْ تَحْفَظُوني في قَرَابَتِي ، قُل لا أسألُكُمْ عَلَيْه أجْرا إلاّ المَوَدّةَ في القُرّبَى » .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أَبي مالك ، قال : فقال الله عزّ وجلّ : قُلْ لا أسألُكُم عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى : «إلا أن تودّوني لقرابتي منكم وتحفظوني » .

حدثنا أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : حدثنا عبثر ، قال : حدثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الاَية : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وأمه من بني زهرة وأم أبيه من بني مخزوم ، فقال : «احفظوني في قرابتي » .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا حرمى ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عمارة ، عن عكرمة ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : تعرفون قرابتي ، وتصدّقونني بما جئت به ، وتمنعوني .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى وإن الله تبارك وتعالى أمر محمدا صلى الله عليه وسلم أن لا يسأل الناس على هذا القرآن أجرا إلا أن يصلوا ما بينه وبينهم من القرابة ، وكلّ بطون قريش قد ولدته وبينه وبينهم قرابة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى أن تتبعوني ، وتصدقوني وتصلوا رحمي .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال لم يكن بطن من بطون قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ولادة ، فقال : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودّوني لقرابتي منكم .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَودّةَ فِي القُرْبَى يعني قريشا . يقول : إنما أنا رجل منكم ، فأعينوني على عدوّي ، واحفظوا قرابتي ، وإن الذي جئتكم به لا أسألكم عليه أجرا إلا المودّة في القُربى ، أن تودّوني لقرابتي ، وتعينوني على عدوي .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبى قال : يقول : إلا أن تودّوني لقرابتي كما توادّون في قرابتكم وتواصلون بها ، ليس هذا الذي جئت به يقطع ذلك عني ، فلست أبتغي على الذي جئت به أجرا آخذه على ذلك منكم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، عن عطاء بن دينار ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى يقول : لا أسألكم على ما جئتكم به أجرا ، إلا أن تودّوني في قرابتي منكم ، وتمنعوني من الناس .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : قُلْ لا أسألُكمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : كل قريش كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة ، فقال : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودّوني بالقرابة التي بيني وبينكم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : قل لمن تبعك من المؤمنين : لا أسألكم على ما جئتكم به أجرا إلا أن تودّوا قرابتي . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا الصباح بن يحيى المريّ ، عن السديّ ، عن أبي الديلم قال : لما جيء بعليّ بن الحسين رضي الله عنهما أسيرا ، فأقيم على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشأم فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم ، وقطع قربى الفتنة ، فقال له عليّ بن الحسين رضي الله عنه : أقرأت القرآن ؟ قال : نعم ، قال : أقرأت آل حم ؟ قال : قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم ، قال : ما قرأت قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى ؟ قال : وإنكم لأنتم هم ؟ قال : نعم .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد السلام ، قال : حدثنا يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : قالت الأنصار : فعلنا وفعلنا ، فكأنهم فخروا ، فقال ابن عباس ، أو العباس ، شكّ عبد السلام : لنا الفضل عليكم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاهم في مجالسهم ، فقال : «يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ أَلَمْ تَكُونُوا أذِلّةً فأعَزّكُمُ اللّهُ بِي ؟ » قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «أَلَمْ تَكُونُوا ضُلاّلاً فَهَداكُمُ اللّهُ بِي ؟ » قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «أفَلاَ تُجِيبُونِي ؟ » قالوا : ما نقول يا رسول الله ؟ قال : «ألا تقولونَ : أَلَمْ يُخْرِجْكَ قَوْمُكَ فآوَيْناكَ ، أوَ لَمْ يُكَذّبوكَ فَصَدّقْناكَ ، أوَ لَمْ يَخْذُلُوكَ فَنَصَرْناكَ ؟ » قال : فما زال يقول حتى جثوا على الركب ، وقالوا : أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله ، قال : فنزلت قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا مروان ، عن يحيى بن كثير ، عن أبي العالية ، عن سعيد بن جُبير ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : هي قُربى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حدثني محمد بن عمارة الأسدي ومحمد بن خلف قالا : حدثنا عبيد الله قال أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال : سألت عمرو بن شعيب ، عن قول الله عزّ وجلّ : قُلْ لا أسألْكُمْ عَلَيه أجْرا إلاّ الموَدّةَ فِي القُرْبَى قال : قُربى النبيّ صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : قل لا أسألكم أيها الناس على ما جئتكم به أجرا إلا أن تَوَدّدوا إلى الله ، وتتقرّبوا بالعمل الصالح والطاعة . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ بن داود ومحمد بن داود أخوه أيضا قالا : حدثنا عاصم بن علي ، قال : حدثنا قزعة بن سويد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : «قُلْ لا أسألُكُمْ على ما أتَيْتُكُمْ بِهِ مِنَ البَيّناتِ وَالهُدَى أجْرا إلاّ أنُ تَوَدّدُوا للّهِ ، وتَتَقَرّبُوا إلَيْهِ بطاعَتِهِ » .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن أنه قال في هذه الاَية قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْه أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : القُربى إلى الله .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : إلا التقرّب إلى الله ، والتودّد إليه بالعمل الصالح .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الحسن : في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قل لا أسألكم على ما جئتكم به ، وعلى هذا الكتاب أجرا ، إلا المودّة في القربى ، إلا أن تودّدوا إلى الله بما يقرّبكم إليه ، وعمل بطاعته .

قال بشر : قال يزيد : وحدثنيه يونس ، عن الحسن ، حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبى إلا أن تودّدوا إلى الله فيما يقرّبكم إليه .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : إلا أن تصلوا قرابتكم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا قرة ، عن عبد الله بن القاسم ، في قوله : إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى قال : أمرت أن تصل قرابتك .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال : معناه : قل لا أسألكم عليه أجرا يا معشر قريش ، إلا أن تودّوني في قرابتي منكم ، وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم .

وإنما قلت : هذا التأويل أولى بتأويل الاَية لدخول «في » في قوله : إلاّ المَوَدَةَ فِي القُرْبَى ، ولو كان معنى ذلك على ما قاله من قال : إلا أن تودّوا قرابتي ، أو تقربوا إلى الله ، لم يكن لدخول «في » في الكلام في هذا الموضع وجه معروف ، ولكان التنزيل : إلا مودّة القربى إن عُنِيَ به الأمر بمودّة قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو إلا المودّة بالقُرْبَى ، أو ذا القربَى إن عُنِيَ به التودّد والتقرّب . وفي دخول «في » في الكلام أوضح الدليل على أن معناه : إلا مودّتي في قرابتي منكم ، وأن الألف واللام في المودّة أدخلتا بدلاً من الإضافة ، كما قيل : فَإنّ الجَنّةَ هِيَ المَأوَى . وقوله : «إلا » في هذا الموضع استثناء منقطع . ومعنى الكلام : قل لا أسألكم عليه أجرا ، لكن أسألكم المودّة في القُربى ، فالمودّة منصوبة على المعنى الذي ذكرت . وقد كان بعض نحويي البصرة يقول : هي منصوبة بمضمر من الفعل ، بمعنى : إلا أن أذكر مودّة قرابتي .

وقوله : وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْنا يقول تعالى ذكره : ومن يعمل حسنة ، وذلك أن يعمل عملاً يطيع الله فيه من المؤمنين نَزِدْ لَهُ فيها حُسْنا يقول : نضاعف عمله ذلك الحسن ، فنجعل له مكان الواحد عشرا إلى ما شئنا من الجزاء والثواب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قول الله عزّ وجلّ : وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً قال : يعمل حسنة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْنا قال : من يعمل خيرا نزد له . الاقْتراف : العمل .

وقوله : إنّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ يقول : إن الله غفور لذنوب عباده ، شكور لحسناتهم وطاعتهم إياه . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : إنّ اللّهَ غَفُورٌ للذنوب شَكُورٌ للحسنات يضاعفها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ قال : غفر لهم الذنوب ، وشكر لهم نعما هو أعطاهم إياها ، وجعلها فيهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ شَكُورٌ} (23)

وقوله تعالى : { ذلك الذي يبشر الله عباده } إشارة إلى قوله تعالى في الآية الأخرى : { وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً }{[10131]} .

وقرأ جمهور الناس : «يُبشِّرهم » بضم الياء وفتح الباء وشد الشين المكسورة ، وذلك على التعدية بالتضعيف . وقرأ مجاهد وحميد : «يُبْشِر » بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين على التعدية بالهمزة . قرأ ابن مسعود وابن يعمر وابن أبي إسحاق والجحدري والأعمش وطلحة : «يَبشُر » بفتح الياء وضم الشين ، ورويت عن ابن كثير . وقال الجحدري في تفسيرها ترى النضرة في الوجوه .

وقوله تعالى : { قل لا أسألكم عليه إلا المودة في القربى } اختلف الناس في معناه ، فقال له ابن عباس وغيره : هي آية مكية نزلت في صدر الإسلام ومعناها استكفاف شر الكفار ودفع أذاهم أي ما أسألكم على القرآن والدين والدعاء إلى الله إلا أن تودوني لقرابة هي بيني وبينكم فتكفوا عني أذاكم .

قال ابن عباس وابن إسحاق وقتادة : ولم يكن في قريش بطن إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه نسب أو صهر{[10132]} ، فالآية على هذا هي استعطاف ما ، ودفع أذى وطلب سلامة منهم ، وذلك كله منسوخ بآية السيف ، ويحتمل على هذا التأويل أن يكون معنى الكلام استدعاء نصرهم ، أي لا أسألكم غرامة ولا شيئاً إلا أن تودوني لقرابتي منكم وأن تكونوا أولى بي من غيركم . وقال مجاهد : المعنى إلا أن تصلوا رحمي باتباعي . وقال ابن عباس أيضاً ما يقتضي أنها مدنية ، وسببها أن قوماً من شباب الأنصار فاخروا المهاجرين ومالوا بالقول على قريش ، فنزلت الآية في ذلك على معنى إلا أن تودوني فتراعونني في قرابتي وتحفظونني فيهم ، وقال بهذا المعنى في الآية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، واستشهد بالآية حين سيق إلى الشام أسيراً ، وهو تأويل ابن جبير وعمرو بن شعيب ، وعلى هذا التأويل قال ابن عباس ، قيل يا رسول الله ، من قرابتك الذين أُمرنا بمودتهم ؟ فقال : علي وفاطمة وابناهما{[10133]} ، وقيل هو ولد عبد المطلب .

قال القاضي أبو محمد : وقريش كلها عندي قربى وإن كانت تتفاضل ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من مات على حب آل محمد مات شهيداً ، ومن مات على بغضهم لم يشم رائحة الجنة »{[10134]} وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي : سبب هذه الآية أن الأنصار جمعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مالاً وساقته إليه فرده عليهم ونزلت الآية في ذلك . وقال ابن عباس أيضاً ، معنى الآية : من قربى الطاعة والتزلف إلى الله تعالى : كأنه قال : إلا أن تودوني ، لأني أقربكم من الله ، وأريد هدايتكم وأدعوكم إليها . وقال الحسن بن أبي الحسن معناه : إلا أن يتوددوا إلى الله بالتقرب إليه . وقال عبد الله بن القاسم في كتاب الطبري معنى الآية : إلا أن تتوددوا بعضكم إلى بعض وتصلوا قراباتكم ، فالآية على هذا أمر بصلة الرحم . وذكر النقاش عن ابن عباس ومقاتل والكلبي والسدي أن الآية منسوخة بقوله تعالى في سورة سبأ { قل ما سألتكم من أجر فهو لكم }{[10135]} والصواب أنها محكمة ، وعلى كل قول فالاستثناء منقطع ، و : { إلا } بمعنى : لكن{[10136]} . و : { يقترف } معناه يكتسب ، ورجل قرفة : إذا كان محتالاً كسوباً .

وقرأت فرقة «يزد » على إسناد الفعل إلى الله تعالى ، وقرأ جمهور الناس : «نزد » على نون العظمة ، وزيادة الحسن هو التضعيف الذي وعد الله تعالى به مؤمني عباده ، قاله الحسن بن أبي الحسن . و : { غفور } معناه : ساتر عيوب عبيده . و : { شكور } معناه : مجاز على الدقيقة من الخير لا يضيع عنده لعامل عمل .


[10131]:من الآية (47) من سورة (الأحزاب).
[10132]:أخرج أحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن مردويه، من طريق طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: {إلا المودة في القربى}، فقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: قربى آل محمد، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: عجلت، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.
[10133]:أخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه بسند ضعيف، من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما. (الدر المنثور)، وذكر ابن كثير في تفسيره أيضا أن إسناده ضعيف، فيه مبهم لا يعرف عن شيخ شيعي مخترق وهو حسين الأشقر، ولا يقبل خبره في هذا المحل، وذكر نزول الآية في المدينة بعيد، فإنها مكية، ولم يكن إذ ذاك لفاطمة رضي الله عنها أولاد بالكلية، فإنها لم تتزوج بعلي رضي الله عنهما إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة.
[10134]:هذا الحديث ذكره الثعلبي، ونقله عنه القرطبي بأطول من هذا، ففيه (من مات على حب آل محمد مات شهيدا، ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوار قبره الملائكة والرحمة، ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه: أيس اليوم من رحمة الله، ومن مات على بغض آل محمد لم يرح رائحة الجنة، ومن مات على بغض آل محمد فلا نصيب له في شفاعتي)، وذكر هذا الخبر بأطول من هذا الزمخشري في تفسيره، والأحاديث الكثيرة مذكورة في حب آل البيت، وأشهرها ما قاله صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه" (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، والآخر عترة أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)، أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم، وكذلك أخرجه عنه الإمام أحمد في مسنده، وفيه زيادة.
[10135]:من الآية (47) من سورة (سبأ).
[10136]:قال الطبري: (فالمعنى: قل لا أسألكم عليه أجرا، لكني أسألكم المودة في القربى)، وقال: (وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: معناه: قل لا أسألكم عليه أجرا يا معشر قريش إلا أن تودوني في قرابتي منكم، وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم... وفي دخول [في] في الكلام أوضح الدليل على أن معناه: إلا مودتي في قرابتي منكم).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ شَكُورٌ} (23)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ذلك الذي} ذكر من الجنة، {يبشر الله عباده الذين آمنوا}، يعني صدقوا.

{وعملوا الصالحات}، من الأعمال، {قل لا أسألكم عليه أجرا}، يعني على الإيمان جزاء.

{إلا المودة في القربى}: إلا أن تصلوا قرابتي، وتتبعوني، وتكفوا عني الأذى.

{ومن يقترف حسنة}: ومن يكتسب حسنة واحدة، {نزد له فيها حسنا}، يقول: نضاعف له الحسنة الواحدة، عشرا فصاعدا.

{إن الله غفور} لذنوب هؤلاء، {شكور}، لمحاسنهم القليلة، حين يضاعف الواحدة عشرا فصاعدا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: هذا الذي أخبرتكم أيها الناس أني أعددته للذين آمنوا وعملوا الصالحات في الآخرة من النعيم والكرامة، البشرى التي يبشر الله عباده الذين آمنوا به في الدنيا، وعملوا بطاعته فيها "قُلْ لا أسألُكمْ عَلَيْهِ أجْرا "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للذين يمارونك في الساعة من مشركي قومك: لا أسألكم أيها القوم على دعايتكم إلى ما أدعوكم إليه من الحقّ الذي جئتكم به، والنصيحة التي أنصحكم ثوابا وجزاءً، وعوضا من أموالكم تعطونَنِيه "إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبى"،

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: "إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبى"؛

فقال بعضهم: معناه: إلا أن تودّوني في قرابتي منكم، وتصلوا رحمي بيني وبينكم... عن ابن عباس، في قوله: "لا أسأَلُكُمْ عَلَيْهِ أجْرا إلاّ المَوَدّةَ فِي القُرْبَى" قال: لم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم قرابة، فقال: قُل لا أسألكم عليه أجرا أن تودّوني في القرابة التي بيني وبينكم... فلما كذّبوه وأبَوْا أن يبايعوه قال: «يا قوم إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم لا يكن غيركم من العرب أولى بحفظي ونُصرتي منكم»...

وقال آخرون: بل معنى ذلك: قل لمن تبعك من المؤمنين: لا أسألكم على ما جئتكم به أجرا إلا أن تودّوا قرابتي...

وقال آخرون: بل معنى ذلك: قل لا أسألكم أيها الناس على ما جئتكم به أجرا إلا أن تَوَدّدوا إلى الله، وتتقرّبوا بالعمل الصالح والطاعة... حدثني عليّ بن داود ومحمد بن داود أخوه أيضا قالا: حدثنا عاصم بن علي، قال: حدثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «قُلْ لا أسألُكُمْ على ما أتَيْتُكُمْ بِهِ مِنَ البَيّناتِ وَالهُدَى أجْرا إلاّ أنُ تَوَدّدُوا للّهِ، وتَتَقَرّبُوا إلَيْهِ بطاعَتِهِ»...

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إلا أن تصلوا قرابتكم...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال: معناه: قل لا أسألكم عليه أجرا يا معشر قريش، إلا أن تودّوني في قرابتي منكم، وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم.

وإنما قلت: هذا التأويل أولى بتأويل الآية لدخول «في» في قوله: "إلاّ المَوَدَةَ فِي القُرْبَى"، ولو كان معنى ذلك على ما قاله من قال: إلا أن تودّوا قرابتي، أو تقربوا إلى الله، لم يكن لدخول «في» في الكلام في هذا الموضع وجه معروف، ولكان التنزيل: إلا مودّة القربى إن عُنِيَ به الأمر بمودّة قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إلا المودّة بالقُرْبَى، أو ذا القربَى إن عُنِيَ به التودّد والتقرّب. وفي دخول «في» في الكلام أوضح الدليل على أن معناه: إلا مودّتي في قرابتي منكم، وأن الألف واللام في المودّة أدخلتا بدلاً من الإضافة، كما قيل: "فَإنّ الجَنّةَ هِيَ المَأوَى". وقوله: «إلا» في هذا الموضع استثناء منقطع. ومعنى الكلام: قل لا أسألكم عليه أجرا، لكن أسألكم المودّة في القُربى...

وقوله: "وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْنا" يقول تعالى ذكره: ومن يعمل حسنة، وذلك أن يعمل عملاً يطيع الله فيه من المؤمنين "نَزِدْ لَهُ فيها حُسْنا" يقول: نضاعف عمله ذلك الحسن، فنجعل له مكان الواحد عشرا إلى ما شئنا من الجزاء والثواب... الاقْتراف: العمل.

وقوله: "إنّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" يقول: إن الله غفور لذنوب عباده، شكور لحسناتهم وطاعتهم إياه.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

قُلْ -يا محمد- لا أسألكم عليه أجراً، مَنْ بَشَّرَ أحداً بالخير طَلَبَ عليه أجراً، ولكنَّ اللَّهَ -وقد بَشَّرَ المؤمنين على لسان نبيِّه بما لهم من الكرامات الأبدية- لم يطلب عليه أجراً؛ فاللَّهُ – سبحانه -لا يطلب عِوَضاً، وكذلك نبيُّه- صلى الله عليه وسلم -لا يسأل أجراً؛ فإن المؤمنَ قد أخذ من الله خُلُقَاً حَسَناً... فمتى يطلب الرسولُ منهم أجراً؟! وهو- صلوات الله عليه -يشفع لكلِّ مَنْ آمن به، والله- سبحانه -يعطي الثوابَ لكل مَنْ آمن به.

{وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}. تضعيف الثواب في الآخرة للواحدِ من عَشَرة إلى سبعمائة... هذه هي الزيادة، ويقال: الزيادة هي زيادة التوفيق في الدنيا. ويقال: إذا أتى زيادة في المجاهدة تفضَّلْنا بزيادة.. وهي تحقيق المشاهدة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن هذه الآيات دالة على تعظيم حال الثواب من وجوه:

الأول: أن الله سبحانه رتب على الإيمان وعمل الصالحات روضات الجنات، والسلطان الذي هو أعظم الموجودات وأكرمهم إذا رتب على أعمال شاقة جزاء، دل ذلك على أن ذلك الجزاء قد بلغ إلى حيث لا يعلم كنهه إلا الله تعالى.

الثاني: أنه تعالى قال: {لهم ما يشاءون عند ربهم} وقوله {لهم ما يشاءون} يدخل في باب غير المتناهي؛ لأنه لا درجة إلا والإنسان يريد ما هو أعلى منه.

الثالث: أنه تعالى قال: {ذلك هو الفضل الكبير} والذي يحكم بكبره من له الكبرياء والعظمة على الإطلاق كان في غاية الكبر.

الرابع: أنه تعالى أعاد البشارة على سبيل التعظيم فقال: {الذي يبشر الله عباده} وذلك يدل أيضا على غاية العظمة، نسأل الله الفوز بها والوصول إليها...

المسألة الثانية: قوله {إلا المودة في القربى} فيه منصب عظيم للصحابة؛ لأنه تعالى قال: {والسابقون السابقون أولئك المقربون} فكل من أطاع الله كان مقربا عند الله تعالى فدخل تحت قوله {إلا المودة في القربى}...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما ذكر محلهم ومآلهم فيه، بين دوامه زيادة في تعظيمه فقال مبتدئاً: {ذلك} أي الأمر العظيم من الجنة ونعيمها، وأخبر عن المبتدأ بقوله: {الذي يبشر} أي مطلق بشارة عند من خفف وبشارة كثيرة عند من ثقل، وزاد البشارة بالاسم الأعظم، فقال لافتاً القول إليه: {الله} أي الملك الأعظم والعائد وهو "به "محذوف تفخيماً للمبشر به لأن السياق لتعظيمه بالبشارة وبجعلها بأداة البعد وبالوصف بالذي، وذكر الاسم الأعظم والتعبير بلفظ العباد مع الإضافة إلى ضميره سبحانه فأفهم حذفه أن الفعل واقع عليه واصل بغير واسطة إليه، فصار كأنه مذكور وظاهر ومنظور فقال:

{عباده} ومن المعلوم أن كل أحد يعظم من اختصه لعبوديته.

ولما أشعر بالإضافة لصلاحهم، نص عليه بقوله: {الذين آمنوا} أي صدقوا بالغيب.

{وعملوا} تحقيقاً لإيمانهم {الصالحات} وذلك الذي مضى قلبه الذي ينذر به الذين كفروا.

ولما كانت العادة جارية بأن البشير لا بد له من حياء وإن لم يسأل؛ لأن بشارته قائمة مقام السؤال، كان كأنه قيل: ماذا تطلب على هذه البشارة، فأمر بالجواب بقوله: {قل} أي لمن توهم فيك ما جرت به عادة المبشرين: {لا أسئلكم} أي الآن ولا في مستقبل الزمان {عليه} أي البلاغ بشارة ونذارة {أجراً} أي وإن قل {إلا} أي لكن أسألكم {المودة} أي المحبة العظيمة الواسعة.

ولما كانوا يثابرون على صلة الأرحام وإن بعدت والأنساب لذلك قال: {في القربى} أي مظروفة فيها بحيث يكون القربى موضعاً للمودة وظرفاً لها، لا يخرج شيء من محبتكم عنها، فإنها بها يتم أمر الدين ويكمل الاجتماع فيه، فإنكم إذا وصلتم ما بيني وبينكم من الرحم لم تكذبوني بالباطل، ولم تردوا ما جئتكم به من سعادة الدارين، فأفلحتم كل الفلاح ودامت الألفة بيننا حتى نموت ثم ندخل الجنة فتستمر ألفتنا دائماً أبدا، وقد شمل ذلك جميع القرابات ولم يكن بطن من قريش إلا وله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة، وروى البخاري عن سعيد بن جبير: إلا أن تؤدوني في قرابتي أي تبروهم وتحسنوا إليهم...

ولما كان التقدير حتماً: فمن يقترف سيئة فعليه وزرها، ولكنه طوى لأن المقام للبشارة كما يدل عليه ختم الآية مع سابقه، عطف عليه قوله: {ومن يقترف} أي يكسب ويخالط ويعمل بجد واجتهاد وتعمد وعلاج {حسنة} أي ولو صغرت، وصرف القول إلى مظهر العظمة إشارة إلى أنه لا يزيد في الإحسان إلا العظماء، وإلى أن الإحسان قد يكون سبباً لعظمة المحسن فقال: {نزد} على عظمتنا {له فيها حسناً} بما لا يدخل تحت الوهم، ومن الزيادة أن يكون له مثل أجر من اقتدي به فيها إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً، وهذا من أجر الرسل على إبلاغهم إلى الأمم، فهم أغنياء عن طلب غيره -هذا إن اهتدوا به، وإن دعاهم فلم يهتدوا كان له مثل أجورهم لو اهتدوا، فإن عدم اهتدائهم ليس من تقصيره، بل قدر الله وما شاء فعل.

ولما كانوا يقولون: إنا قد ارتكبنا من المساوئ ما لم ينفع معه شيء، قال نافياً لذلك على سبيل التأكيد معللاً مبيناً بصرف القول إلى الاسم الأعظم أن مثل ذلك لا يقدر عليه ملك غيره على الإطلاق: {إن الله} أي الذي لا يتعاظمه شيء {غفور} لكل ذنب تاب منه صاحبه أو كان يقبل الغفران وإن لم يتب منه إن شاء، فلا يصدن أحداً سيئة عملها عن الإقبال على الحسنة.

ولما كان إثبات الحسنة فضلاً عن الزيادة عليها لا يصح إلا مع الغفران، ولا يمكن أن يكون مع المناقشة، فذكر ذلك الوصف الذي هو أساس الزيادة، أفادها- أي الزيادة -بقوله: {شكور} فهو يجزي بالحسنة أضعافها ويترك سائر حقوقه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(ذلك الذي يبشر الله عباده) فهو بشرى حاضرة، مصداقاً للبشرى السالفة. وظل البشرى هنا هو أنسب الظلال. وعلى مشهد هذا النعيم الرخاء الجميل الظليل يلقن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يقول لهم: إنه لا يطلب منهم أجراً على الهدى الذي ينتهي بهم إلى هذا النعيم، وينأى بهم عن ذلك العذاب الأليم. إنما هي مودته لهم لقرابتهم منه، وحسبه ذلك أجراً...

والمعنى الذي أشرت إليه، وهو أنه لا يطلب منهم أجرا، إنما تدفعه المودة للقربى -وقد كانت لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] قرابة بكل بطن من بطون قريش- ليحاول هدايتهم بما معه من الهدى، ويحقق الخير لهم إرضاء لتلك المودة التي يحملها لهم، وهذا أجره وكفى! هذا المعنى هو الذي انقدح في نفسي وأنا أقرأ هذا التعبير القرآني في مواضعه التي جاء فيها...

وهناك تفسير مروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أثبته هنا لوروده في صحيح البخاري: قال البخاري حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، قال: سمعت طاووسا يحدث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سأل عن قوله تعالى: (إلا المودة في القربى) فقال سعيد بن جبير: "قربى آل محمد. فقال ابن عباس: عجلت. إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يكن بطن من بطون قريش إلا كان له فيهم قرابة. فقال: "إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة". ويكون المعنى على هذا: إلا أن تكفوا أذاكم مراعاة للقرابة. وتسمعوا وتلينوا لما أهديكم إليه. فيكون هذا هو الأجر الذي أطلبه منكم لا سواه. وتأويل ابن عباس -رضي الله عنهما- أقرب من تأويل سعيد بن جبير -رضي الله عنه- ولكنني ما أزال أحس أن ذلك المعنى أقرب وأندى.. والله أعلم بمراده منا...

(إن الله غفور شكور).. الله يغفر. ثم.. الله يشكر ويشكر من؟ يشكر لعباده. وهو وهبهم التوفيق على الإحسان. ثم هو يزيد لهم في الحسنات، ويغفر لهم السيئات. ويشكر لهم بعد هذا وذاك.. فيا للفيض الذي يعجز الإنسان عن متابعته. فضلاً على شكره وتوفيته!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

معنى الآية على ما يقتضيه نظمها: لا أسألكم على القرآن جزاء إلا أن تَوَدُّوني، أي أن تعاملوني معاملة الوِدِّ، أي غير معاملة العداوةِ؛ لأجل القرابة التي بيننا في النسب القرشي...

وما فسر به بعض المفسرين أن المعنى: إلا أن تودّوا أقاربي تلفيق معنى عن فهم غير منظور فيه إلى الأسلوب العربي، ولا تصح فيه رواية عمن يعتد بفهمه.

أمّا كون محبة آل النبي صلى الله عليه وسلم لأجل محبة ما له اتصال به خُلُقاً من أخلاق المسلمين فحاصل من أدلة أخرى، وتحديد حدودها مُفصَّل في « الشفاء» لعياض.

والاستثناء منقطع لأن المودّة لأجل القرابة ليست من الجزاء على تبليغ الدعوة بالقرآن ولكنها مما تقتضيه المروءة فليس استثناؤها من عموم الأجر المنفي استثناء حقيقياً، والمعنى: لا أسألكم على التبليغ أجراً وأسألُكم المودّة لأجل القربى؛ وإنما سألهم المودّة لأن معاملتهم إياه معاملةَ المودّة معِينة على نشر دعوة الإسلام، إذ تَلِين بتلك المعاملة شكيمتهم فيتركون مقاومته فيتمكن من تبليغ دعوة الإسلام على وجه أكمل.

فصارت هذه المودة غرضاً دينياً لا نفع فيه لنفس النبي صلى الله عليه وسلم.

والاقتراف: افتعال من القَرْف، وهو الاكتساب، فالاقتراف مبالغة في الكسب نظيرَ الاكتساب، وليس خاصاً باكتساب السوء وإن كان قد غلب فيه، وأصله من قَرَفَ الشجرةَ، إذا قشر قِرْفَها، بكسر القاف، وهو لِحَاؤها، أي قَشْرُ عودها.

والحسنة: الفَعْلة ذات الحسن صفة مشبهة غلبت في استعمال القرآن والسنة على الطاعة والقربة فصارت بمنزلة الجوامد عَلَماً بالغلبة وهي مشتقة من الحسن وهو جمال الصورة، والحُسن: ضد القبح وهو صفة في الذات تقتضي قبول منظرها في نفوس الرّائين وميلهم إلى مداومة مشاهدتها. وتوصف المعنويات بالحسن فيراد به كون الفعل أو الصفة محمودة عند العقول مرغوباً في الاتصاف بها.

ولما كانت الحسنة مأخوذة من الحُسن جعلت الزيادة فيها من الزيادة في الحسن مراعاة لأصل الاشتقاق، فكان ذكر الحُسْن من الجناس المعبر عنه بجناس الاشتقاق نحو قوله تعالى: {فأقم وجهك للدّين القيم} [الروم: 43]، وصار المعنى نزِد له فيها مماثلاً لها. ويتعين أن الزيادة فيها زيادة من غير عَملِه ولا تكون الزيادة بعمل يعمله غيره؛ لأنها تصير عملاً يستحق الزيادة أيضاً فلا تنتهي الزيادة فتعيّن أن المراد الزيادة في جزاء أمثالها عند الله. وهذا معنى قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشْر أمثالها} [الأنعام: 160]

وجملة {إن الله غفور شكور} تذييل وتعليل للزيادة لقصد تحقيقها بأن الله كثيرة مغفرته لمن يستحقها كثير شكره للمتقربين إليه. والمقصود بالتعليل هو وصف الشكور، وأما وصف الغفور فقد ذكر للإشارة إلى ترغيب المقترفين السيئات في الاستغفار والتوبة ليغفر لهم فلا يقنطوا من رحمة الله.