المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

131- ولا تتعَدَّ بنظرك إلي ما متَّعنا به أصنافاً من الكافرين ، لأن هذا المتاع زينة الحياة الدنيا وزخرفها ، يمتحن الله به عباده في الدنيا ، ويدِّخر الله لك في الآخرة ما هو خير وأبقى من هذا المتاع .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

قوله تعالى : { ولا تمدن عينيك } قال أبو رافع : " نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فبعثني إلى يهودي فقال لي : قل له إن رسول الله يقول لك بعني كذا وكذا من الدقيق وأسلفني إلى هلال رجب فأتيته فقلت له ذلك فقال : والله لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : والله لئن باعني وأسلفني لقضيته وإني لأمين في السماء وأمين في الأرض ، اذهب بدرعي الحديد إليه ، فنزلت هذه الآية : { ولا تمدن عينيك } ، لا تنظر ، { إلى ما متعنا به } أعطينا { أزواجاً } أصنافاً ، { منهم زهرة الحياة الدنيا } أي زينتها وبهجتها ، وقرأ يعقوب : ( زهرة ) بفتح الهاء وقرأ العامة بجزمها ، { لنفتنهم فيه } ، أي لنجعل ذلك فتنة لهم بأن أزيد لهم النعمة فيزيدوا كفراً وطغياناً ، { ورزق ربك } في المعاد ، يعني : الجنة ، { خير وأبقى } ، قال أبي بن كعب : من لم يستعز بعزة الله تقطعت نفسه حسرات ، ومن يتبع بصره فيما في أيدي الناس يطل حزنه ، ومن ظن أن نعمة الله في مطعمه ومشربه وملبسه فقد قل علمه وحضر عذابه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

وبعد هذا الأمر بالتسبيح ، جاء النهى عن الإعجاب بالدنيا وزينتها فقال - تعالى : { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الحياة الدنيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ . . . } .

أى : أكثر - أيها الرسول الكريم - من الاتجاه إلى ربك ، ومن تسبيحه وتنزيهه ومن المداومة على الصلاة ولا تطل نظر عينيك بقصد الرغبة والميل { إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } .

أى : إلى ما متعنا به أصنافا من هؤلاء المشركين ، بأن منحناهم الجاه والمال والولد .

وما جعلناه لهم فى هذه الدنيا بمثابة الزهرة التى سرعان ما تلمع ثم تذبل وتزول .

قال الآلوسى : ما ملخصه : { أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أى : أصنافا من الكفرة ، وهو مفعول { مَتَّعْنَا } قدم عليه الجار والمجرور للاعتناء به .

. . وقيل الخطاب له - صلى الله عليه وسلم - والمراد أمته ، لأنه كان أبعد الناس عن إطالة النظر إليه ، وهو القائل : " الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها ، إلا ما أريد به وجه الله - تعالى - " وكان - صلى الله عليه وسلم - شديد النهى عن الاغترار بها .

ويؤخذ من الآية أن النظر غير الممدود معفو منه ، وكأن المنهى عنه فى الحقيقة هو الإعجاب بذلك ، والرغبة فيه ، والميل إليه .

وقوله : { زَهْرَةَ الحياة الدنيا } أى : زينتها وبهجتها . وهو منصوب بمحذوف يدل عليه { مَتَّعْنَا } .

أى : جعلنا لهم زهرة ، أو على أنه مفعول ثان ، بتضمين متعنا معنى أعطينا ، فأزواجا مفعول أول ، وزهرة هو المفعول الثانى . . .

وقوله : { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } بيان للحكمة من هذا التمتيع والعطاء أى متعنا هؤلاء الكافرين بالأموال والأولاد . . . لنعاملهم معاملة من يبتليهم ويختبرهم بهذا المتاع ، فإذا آمنوا وشكروا زدناهم من خيرنا ، وإذا استمروا فى طغيانهم وجحودهم وكفرهم ، أخذناهم أخذ عزيز مقتدر .

فالجملة الكريمة تنفر العقلاء من التطلع إلى ما بين أيدى الكفار من متاع ، لأن هذا المتاع سىء العاقبة ، إذا لم يستعمل فى طاعة الله - تعالى - .

وقوله - سبحانه - : { وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأبقى } تذييل قصد به الترغيب فيما عند الله - تعالى - من طيبات .

أى : وما رزقك الله إياه - أيها الرسول الكريم - فى هذه الدنيا من طيبات . وما ادخره لك فى الآخرة من حسنات ، خير وأبقى مما متع به هؤلاء الكافرين من متاع زائل سيحاسبهم الله - تعالى - عليه يوم القيامة حسابا عسيرا ، لأنهم لم يقابلوا نعم الله عليهم بالشكر ، بل قابلوهم بالجحود والكفران .

والمتأمل فى هذه الآية الكريمة يراها قد رسمت للمؤمن أفضل الطرق وأحكمها ، لكى يحيا حياة فاضلة طيبة ، حياة يعتز فيها صاحبها بالمعانى الشريفة الباقية ، ويعرض عن المظاهر والزخارف الزائلة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

99

اتجه إلى ربك بالعبادة ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم )من عرض الحياة الدنيا ، من زينة ومتاع ومال وأولاد وجاه وسلطان . ( زهرة الحياة الدنيا )التي تطلعها كما يطلع النبات زهرته لامعة جذابة . والزهرة سريعة الذبول على ما بها من رواء وزواق . فإنما نمتعهم بها ابتلاء ( لنفتنهم فيه )فنكشف عن معادنهم ، بسلوكهم مع هذه النعمة وذلك المتاع . وهو متاع زائل كالزهرة سرعان ما تذبل ( ورزق ربك خير وأبقى )وهو رزق للنعمة لا للفتنة . رزق طيب خير باق لا يذبل ولا يخدع ولا يفتن .

وما هي دعوة للزهد في طيبات الحياة ، ولكنها دعوة إلى الاعتزاز بالقيم الأصيلة الباقية وبالصلة بالله والرضى به . فلا تتهاوى النفوس أمام زينة الثراء ، ولا تفقد اعتزازها بالقيم العليا ، وتبقى دائما تحس حرية الاستعلاء على الزخارف الباطلة التي تبهر الأنظار . .