مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي نظر عينيك ومد النظر تطويله وأن لا يكاد يرده استحساناً للمنظور إليه وإعجاباً به ، وفيه أن النظر غير الممدود معفو عنه وذلك أن يبادره الشيء بالنظر ثم يغض الطرف . ولقد شدد المتقون في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في ملابسهم ومراكبهم حتى قال الحسن : لا تنظروا إلى دقدقة هماليج الفسقة ، ولكن انظروا كيف يلوح ذل المعصية من تلك الرقاب . وهذا لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة فالناظر إليها محصل لغرضهم ومغر لهم على اتخاذها { إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مّنْهُمْ } أصنافاً من الكفرة ويجوز أن ينتصب حالاً من هاء الضمير والفعل واقع على { منهم } كأنه قال إلى الذي متعنا به وهو أصناف بعضهم وناساً منهم { زَهْرَةَ الحياة الدنيا } زينتها وبهجتها وانتصب على الذم أو على إبداله من محل به أو على إبداله من أزواجا على تقدير ذوي زهرة { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنبلوهم حتى يستوجبوا العذاب لوجود الكفران منهم أو لنعذبهم في الآخرة بسببه { وَرِزْقُ رَبّكَ } ثوابه وهو الجنة أو الحلال الكافي { خَيْرٌ وأبقى } مما رزقوا