إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي لا تُطِلْ نظرَهما بطريق الرغبة والميل { إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ } من زخارف الدنيا ، وقوله تعالى : { أزواجا مّنْهُمْ } أي أصنافاً من الكَفَرة مفعول متّعنا قُدّم عليه الجارُّ والمجرور للاعتناء به ، أو هو حالٌ من الضمير والمفعولُ منهم أي إلى الذي متعنا به وهو أصنافُ وأنواعُ بعضِهم على أنه معنى مِنْ التبعيضية ، أو بعضاً منهم على حذف الموصوفِ كما مر مراراً { زَهْرَةَ الحياة الدنيا } منصوبٌ بمحذوف يدل عليه متعنا أي أعطينا أو به على تضمين معناه ، أو بالبدلية من محل به أو من أزواجاً بتقدير مضافٍ أو بدونه ، أو بالذم وهي الزينةُ والبهجةُ ، وقرئ زهَرةَ بفتح الهاء وهي لغة كالجهَرة في الجهْرة أو جمعُ زاهر ، وصفٌ لهم بأنهم زاهِرو الدنيا لتنعُّمهم وبهاءِ زِيِّهم بخلاف ما عليه المؤمنون الزهّاد { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } متعلقٌ بمتعنا جيء به للتنفير عنه ببيان سوءِ عاقبتِه مآلاً إثرَ إظهارِ بهجتِه حالاً ، أي لنعاملهم معاملةَ من يبتليهم ويختبرُهم فيه أو لنعذّبهم في الآخرة بسببه { وَرِزْقُ رَبّكَ } أي ما ادخّر لك في الآخرة أو ما رزقك في الدنيا من النبوة والهدى { خَيْرٌ } مما منحهم في الدنيا لأنه مع كونه في نفسه أجلَّ ما يتنافس فيه المتنافسون مأمونُ الغائلةِ بخلاف ما منحوه { وأبقى } فإنه لا يكاد ينقطع نفْسُه أو أثرُه أبداً كما عليه زهرة الدنيا .