النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ} (131)

قوله عز وجل : { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ . . . } فيه وجهان :

أحدهما : أنه أراد بمد العين النظر .

الثاني : أراد به الأسف .

{ أَزْوَاجاً } أي أشكالاً ، مأخوذ من المزاوجة .

{ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } قال قتادة : زينة الحياة الدنيا .

{ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } يعني فيما متعناهم به من هذه الزهرة ، وفيه وجهان :

أحدهما : لنفتنهم أي لنعذبهم به ، قاله ابن بحر .

الثاني : لنميلهم عن مصالحهم وهو محتمل .

{ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } فيه وجهان :

أحدهما : أنه القناعة بما يملكه والزهد فيما لا يملكه .

الثاني : وثواب ربك في الآخرة خير وأبقى مما متعنا به هؤلاء في الدنيا .

ويحتمل ثالثاً : أن يكون الحلال المُبْقِي خيراً من الكثير المُطْغِي .

وسبب نزولها ما رواه أبو رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من يهودي طعاماً فأبى أن يسلفه إلا برهن ، فحزن وقال : " إني لأمين في السماء وأمين في الأرض ، احمل{[1941]} درعي إليه " فنزلت هذه الآية .

وروى أنه لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى : من لم يتأدب بأدب الله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات .


[1941]:المأمور بحمل الدرع هو أبو رافع وعنه روى الحديث، وأخرجه بن أبي شيبة وأبو يعلى والبزار والطبراني والطبري. قال السيوطي: وفيه موسى بن عبيدة الزبيري وهو متروك كما أن وحكاية الدرع مدينة وسورة طه مكية.