{ قُلْ } لهؤلاء المشركين بالله : { أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا } من هؤلاء المخلوقات العاجزة يتولاني ، وينصرني ؟ ! .
فلا أتخذ من دونه تعالى وليا ، لأنه فاطر السماوات والأرض ، أي : خالقهما ومدبرهما . { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ } أي : وهو الرزاق لجميع الخلق ، من غير حاجة منه تعالى إليهم ، فكيف يليق أن أتخذ وليا غير الخالق الرزاق ، الغني الحميد ؟ " { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } لله بالتوحيد ، وانقاد له بالطاعة ، لأني أولى من غيري بامتثال أوامر ربي .
{ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } أي : ونهيت أيضا ، عن أن أكون من المشركين ، لا في اعتقادهم ، ولا في مجالستهم ، ولا في الاجتماع بهم ، فهذا أفرض الفروض عليَّ ، وأوجب الواجبات .
قال الطبري وغيره : أمر أن يقول هذه المقالة للكفرة الذين دعوه إلى عبادة أوثانهم ، فتجيء الآية على هذا جواباً لكلامهم .
قال القاضي أبو محمد : وهذا التأويل يحتاج إلى سند في أن هذا نزل جواباً وإلا فظاهر الآية لا يتضمنه ، والفصيح هو أنه لما قرر معهم أن الله تعالى { لمن ما في السماوات والأرض } [ الأنعام : 12 ] { وله ما سكن في الليل والنهار } [ الأنعام : 13 ] وأنه سميع عليم ، أمر أن يقول لهم على جهة التوبيخ والتوقيف { أغير } هذا الذي هذه صفاته { أتخذ ولياً } بمعنى أن هذا خطأ لو فعلته بين . وتعطي قوة الكلام أن من فعله من سائر الناس بين الخطأ ، و { اتخذ } عامل في قوله { أغير } وفي قوله : { ولياً } تقدم أحد المفعولين ، والولي لفظ عام لمعبود وغير ذلك من الأسباب الواصلة بين العبد وربه ثم أخذ في صفات الله تعالى فقال : { فاطر } بخفض الراء نعت لله تعالى ، وفطر معناه ابتدع وخلق وأنشأ ، وفطر أيضاً في اللغة : شق ، ومنه { هل ترى من فطور }{[4841]} أي من شقوق ، ومن هذا انفطار السماء ، وفي هذه الجهة يتمكن قولهم : فطر ناب البعير إذا خرج لأنه يشق اللثة ، وقال ابن عباس : ما كنت أعرف معنى { فاطر السماوات } حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها أي اخترعتها وأنشأتها .
قال القاضي أبو محمد : فحمله ابن عباس على هذه الجهة ، ويصح حمله ، على الجهة الأخرى أنه شق الأرض والبئر حين احتفرها ، وقرأ ابن أبي عبلة : «فاطرُ » برفع الراء على خبر ابتداء مضمر أو على الابتداء . و{ يطعم ولا يطعم } المقصود به َيرزق ولا ُيرزق ، وُخص الإطعام من أنواع الرزق لمسّ الحاجة إليه وشهرته واختصاصه بالإنسان ، وقرأ يمان العماني وابن أبي عبلة «يُطعِم » بضم الياء وكسر العين في الثاني مثل الأول يعني الوثن أنه لا يطعم وقرأ مجاهد وسعيد بن جبير والأعمش وأبو حيوة وعمرو بن عبيد وأبو عمرو بن العلاء في رواية عنه في الثاني «ولا يَطعم » بفتح الياء على مستقبل طعم فهي صفة تتضمن التبرية أي لا يأكل ولا يشبه المخلوقين ، وقوله تعالى : { قل إني أمرت } إلى { عظيم } قال المفسرون : المعنى أول من أسلم من هذه الأمة وبهذه الشريعة ، ولا يتضمن الكلام إلا ذلك ، قال طائفة : في الكلام حذف تقديره : وقيل لي ولا تكونن من الممترين .
قال القاضي أبو محمد : وتلخيص هذا أنه عليه السلام أمر فقيل له : كن أول من أسلم ولا تكونن من المشركين فلما أمر في الآية أن يقول ما أمر به جاء بعض ذلك على المعنى وبعضه باللفظ بعينه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.