ثم لما كان لزاعم أن يزعم أن الذي يتعالى عن المكان وعن الزمان قد يكون ممكناً في نفسه كالمفارقات التي يثبتها الفلاسفة فلا جرم قال { قل أغير الله أتخذ } منكر الاتخاذ غير الله { ولياً } ولذلك قدم المفعول لكونه أهم ، ولو كان حرف الاستفهام داخلاً على الفعل توجه الإنكار أوّلاً إلى نفس اتخاذ الولي وأنه غير مهم { فاطر السموات } عطف بيان من { الله } أو بدل . وقرئ بالرفع على إضمار هو ، وبالنصب على المدح . وعن ابن عباس : ما عرفت معنى الفاطر حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها أي ابتدأتها . وقال ابن الأنباري : أصل الفطر الشق وقد يكون شق إصلاح كقوله { فاطر السموات والأرض } [ فاطر : 1 ] أي خالقهما ومنشئهما بالتركيب الذي سبيله أن يحصل فيه الشق والتأليف عند ضمه بعض الأشياء إلى بعض . وقد يكون شق إفساد ومنه قوله تعالى { هل ترى من فطور } [ الملك : 3 ] { إذا السماء انفطرت } [ الانفطار : 1 ] { وهو يطعم ولا يطعم } أي هو الرازق لغيره ولا يرزقه أحد . والرزق والإطعام وإن كانا متغايرين وإلا لم يحسن العطف في قوله { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } [ الذاريات : 57 ] إلا أنهما متقاربان فحسن جعل أحدهما كناية عن الآخر . وقرئ { وهو يطعم } مبنياً للمفعول على أن الضمير لغير الله وقرئ { وهو يطعم ولا يطعم } كلاهما للفاعل . والمعنى هو يطعم تارة ولا يطعم أخرى كقوله { وإنه يقبض ويبسط } [ البقرة : 245 ] أو الثاني بمعنى لا يستطعم . وحاصل الآية أنه يجب شغل القلب كله بالله وقطع العلائق بالكلية عما سواه لأنه الجواد المطلق الذي يهب لا لعوضٍ ولا انتفاع . ثم بيّن أن النبي أيضاً داخل في تكليف المعرفة بل هو أسبق قدماً في ذلك فقال { قل إني أمرت أن أكون أوّل من أسلم } وقيل لي { ولا تكونن من المشركين } وفيه أن الواعظ يجب أن يتعظ أوّلاً بما يقوله ، فالمريض لا يتصور منه العلاج .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.