الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (14)

{ قُلْ } يا محمد { أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } رباً معبوداً وناصراً ومعيناً { فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي خالقها ومبدعها ومبدئها وأصل الفطر الشق ومنه فطر ناب الجمل إذا شقق وابتدأ بالخروج .

قال مجاهد : سمعت ابن عباس يقول : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتاني اعرابيان يختصمان في بعير . فقال أحدهما لصاحبه : أنا فطرتها ، أنا أحدثتها { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } أي وهو يرزق ولا يرزق وإليه قوله عز وجل

{ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } [ الذاريات : 57 ] .

وقرأ عكرمة والأعمش : ولا يَطعم بفتح الياء أي وهو يرزق ولا يأكل .

وقرأ أشهب العقيلي : وهو يُطعِم ولا يُطعَم كلاهما بضم الياء ، وكسر العين .

قال الحسن بن الفضل : معناه هو القادر على الإطعام وترك الإطعام كقوله

{ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ } [ الرعد : 26 ] .

وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا منصور الأزهري بهراة يقول : معناه وهو يطعم ولا يستطعم ، يقول العرب : أطعمت غيري بمعنى استطعمت .

وأنشد :

إنّا لنطعم من في الصيف مطعماً *** وفي الشتاء إذا لم يؤنس القرع

أي استطعمنا وقيل : معناه وهو يطعم يعني اللّه ولا يطعم يعني الولي { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أخلص { وَلاَ تَكُونَنَّ } يعني وقيل لي : ولا تكونن { مِنَ الْمُشْرِكَينَ }