فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (14)

أوَليّ { أَغَيْرَ الله } ؟ همزة الاستفهام دون الفعل الذي هو { اتخذ } لأن الإنكار في اتخاذ غير الله ولياً ، لا في اتخاذ الولي ، فكان أولى بالتقديم . ونحوه { أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون } [ الزمر : 64 ] { ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ } [ يونس : 59 ] . وقرئ { فَاطِرِ السماوات } بالجرّ صفة لله ، وبالرفع على المدح . وقرأ الزهري : «فَطَرَ » . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ما عرفت ما فاطر السموات والأرض ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها أي ابتدعتها { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } وهو يرزُق ولا يُرْزَق ، كقوله : { مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } [ الذاريات : 59 ] والمعنى : أن المنافع كلها من عنده ، ولا يجوز عليه الانتفاع . وقرئ : «ولا يَطعم » ، بفتح الياء . وروى ابن المأمون عن يعقوب : «وهو يُطْعَمُ ولا يُطْعِمُ » ، على بناء الأول للمفعول والثاني للفاعل ، والضمير لغير الله ، وقرأ الأشهب : «وهو يطعم ولا يطعم » ، على بنائهما للفاعل . وفسر بأن معناه : وهو يطعم ، ولا يستطعم . وحكى الأزهري : أطعمت ، بمعنى استطعمت ، ونحوه أفدت . ويجوز أن يكون المعنى : وهو يطعم تارة ولا يطعم أخرى على حسب المصالح ، كقولك : وهو يعطي ويمنع ، ويبسط ، ويقدر ، ويغني ويفقر { أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } لأنّ النبي سابق أمته في الإسلام ، كقوله { وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين } [ الأنعام : 163 ] وكقول موسى : { سبحانك تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين } [ الأعراف : 143 ] { وَلاَ تَكُونَنَّ } وقيل لي لا تكونن { مِنَ المشركين } ومعناه : أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك .