فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (14)

{ قل أغير الله اتخذ وليا } الاستفهام للإنكار قال لهم ذلك لما دعوه إلى عبادة الأصنام ، ولما كان الإنكار لإتخاذ غير الله وليا لا لاتخاذ الولي مطلقا دخلت الهمزة على المفعول لا على الفعل والمراد بالولي هنا المعبود أي كيف اتخذ غير الله معبودا بطريق الاستقلال أو الاشتراك .

{ فاطر السموات والأرض } أي خالقهما ومبدعهما{[681]} { وهو يطعم ولا يطعم } أي يرزق ولا يرزق وخص الإطعام دون غيره من ضروب الإنعام لأن الحاجة إليه أمس .

{ قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم } أمره سبحانه بعدما تقدم من نفي اتخاذ غير الله وليا أن يقول لهم ثانيا أنه مأمور بأن يكون أول من أسلم وجهه لله من قومه وأخلص من أمته ، فهو من جملة أمته من حيث إنه مرسل لنفسه يعني يجب عليه الإيمان برسالة نفسه وبما جاء من الشريعة والأحكام كما أنه مرسل لغيره وهو أول من انقاد لهذا الدين ، أو المعنى أول فريق أسلم وأفرد الضمير في أسلم باعتبار لفظ من ، وقيل معنى أسلم استسلم لأمر الله .

ثم نهاه عز وجل أن يكون من المشركين فقال : { ولا تكونن } أي وقيل لي ولا تكونن { من المشركين } أي في أمر من أمور الدين ومعناه أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك وقد جوز عطفه على الأمر .


[681]:ومنه ما روى البخاري (3/197) عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء) ورواه البخاري أيضا (3/176): ومسلم في (صحيحه) (4/2047) بلفظ (ما من مولود إلا يولد على الفطرة) ثم يقول أبو هريرة: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله...) الآية. ورواه أحمد في (المسند) عن ابن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه، فإذا عبر عنه لسانه. إما شاكرا، وإما كفورا) وفي رواية لمسلم (4/2048) (ليس من مولود يولد إلا على الفطرة، حتى يعبر عنه لسانه) وفي رواية له أيضا (حتى يبين عنه لسانه).