افتتحت بالحديث عن المرأة التي ظاهر منها زوجها ، وأتبع ذلك ببيان حكم الظهار ، ونعى الله في هذه السورة في أكثر من آية على المعاندين لدينه ، وحذرهم من التناجي بالإثم والعدوان ، وأرشد المؤمنين إلى أدب المناجاة بين بعضهم وبعض وبينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما نعى على المنافقين موالاتهم للكافرين ، ووصفهم بأنهم حزب الشيطان الخاسرون .
وختمت السورة بوصف جامع لما يجب أن يكون عليه المؤمنون من إيثار رضا الله ورسوله على من عداهما ، ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ، ووصفهم بأنهم حزب الله المفلحون .
1- قد سمع الله قول المرأة التي تراجعك في شأن زوجها الذي ظاهَر منها ، وتضرع إلى الله ، والله يسمع ما تتراجعان به من الكلام . إن الله محيط سمعه بكل ما يسمع ، محيط بصره بكل ما يبصر{[221]} .
{ 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
نزلت هذه الآيات الكريمات في رجل من الأنصار اشتكته زوجته [ إلى الله ، وجادلته ]{[1000]} إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حرمها على نفسه ، بعد الصحبة الطويلة ، والأولاد ، وكان هو رجلا شيخا كبيرا ، فشكت حالها وحاله إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكررت ذلك ، وأبدت فيه وأعادت .
فقال تعالى : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا } أي : تخاطبكما فيما بينكما ، { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ } لجميع الأصوات ، في جميع الأوقات ، على تفنن الحاجات .
{ بَصِيرٌ } يبصر دبيب النملة السوداء ، على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، وهذا إخبار عن كمال سمعه وبصره ، وإحاطتهما بالأمور الدقيقة والجليلة ، وفي ضمن ذلك الإشارة بأن الله [ تعالى ] سيزيل شكواها ، ويرفع بلواها ، ولهذا ذكر حكمها ، وحكم غيرها{[1001]} على وجه العموم ، فقال :
بسم الله الرحمن الرحيم { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله }روي أن خولة بنت ثعلبة ظاهر عنها زوجها أوس بن الصامت فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حرمت عليه فقالت ما طلقني فقال حرمت عليه فاغتمت لصغر أولادها وشكت إلى الله تعالى فنزلت هذه الآيات الأربع وقد تشعر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أو المجادلة يتوقع أن الله يسمع مجادلتها وشكواها ويفرج عنها كربها وأدغم حمزة والكسائي وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر دالها في السين والله يسمع تحاوركما تراجعكما الكلام وهو على تغليب الخطاب " إن الله سميع بصير " للأقوال والأحوال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.