أخرج ابن الضريس والنحاس وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة المجادلة بالمدينة .
أخرج سعيد بن منصور والبخاري تعليقاً وعبد بن حميد والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه في سننه عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت لا أسمع ما تقول فأنزل الله { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } إلى آخر الآية .
وأخرج ابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليّ بعضه ، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول : يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك ، فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } وهو أوس بن الصامت .
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن زيد قال : لقي عمر بن الخطاب امرأة يقال لها خولة وهو يسير مع الناس فاستوقفته ، فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأسه ووضع يديه على منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت ، فقال له رجل يا أمير المؤمنين : «حبست رجال قريش على هذه العجوز ، قال : ويحك وتدري من هذه ؟ قال : لا . قال : هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات ، هذه خولة بنت ثعلبة والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها » .
وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه عن ثمامة بن حزن قال : بينما عمر بن الخطاب يسير على حماره لقيته امرأة فقالت : «قف يا عمر ، فوقف ، فأغلظت له القول ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم ، فقال : وما يمنعني أن أستمع إليها وهي التي استمع الله لها أنزل فيها ما نزل { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } » .
وأخرج أحمد وأبو داود وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام قال : «حدثتني خولة بنت ثعلبة قالت : فيّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة ، قالت : كنت عنده وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه فدخل عليّ يوماً فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي ، ثم رجع فجلس في نادي قومه ساعة ، ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني عن نفسي ، قلت : كلا والذي نفس خولة بيده لا تصل إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا ، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له ذلك ، فما برحت حتى نزل القرآن ، فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ، ثم سرّي عنه ، فقال لي : يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك ثم قرأ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } إلى قوله : { عذاب أليم } فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : مريه فليعتق رقبة قلت يا رسول الله : ما عنده ما يعتق ، قال : فليصم شهرين متتابعين ، قلت : والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام ، قال : فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر ، قلت : والله ما ذاك عنده ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإنا سنعينه بعرق من تمر ، قلت : وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر ، قال : فقد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك خيراً . قالت : ففعلت » .
وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : «كان الرجل في الجاهلية لو قال لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي حرمت عليه ، وكان أول من ظاهر في الإِسلام أوس بن الصامت ، وكانت تحته ابنة عم له يقال لها خولة فظاهر منها فأسقط في يده وقال : ما أراك إلا قد حرمت عليّ فانطلقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاسأليه ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه فأخبرته فقال : يا خولة ما أمرنا في أمرك بشيء ، فأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا خولة ابشري قالت : خيراً قال : خيراً فأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليها { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } الآيات » .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن خولة أو خويلة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : «يا رسول الله إن زوجي ظاهر مني ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلا قد حرمت عليه ، فقالت أشكو إلى الله فاقتي ، فأنزل الله { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } » .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال في القرآن ما أنزل الله جملة واحدة { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } كان هذا قبل أن تخلق خولة لو أن خولة أرادت أن لا تجادل لم يكن ذلك لأن الله كان قد قدر ذلك عليها قبل أن يخلقها .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } وذلك أن خولة امرأة من الأنصار ظاهر منها زوجها ، فقال : أنت عليّ كظهر أمي فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : «إن زوجي كان تزوجني وأنا أحب الناس إليه حتى إذا كبرت ودخلت في السن قال : أنت عليّ كظهر أمي وتركني إلى غير أحد ، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله تنعشني وإياه بها فحدثني بها ، قال : والله ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن ، ولكن ارجعي إلى بيتك فإن أومر بشيء لا أعميه عليك إن شاء الله ، فرجعت إلى بيتها فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها فقال : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } إلى قوله : { عذاب أليم } فأرسل إلى زوجها ، فقال : هل تستطيع أن تعتق رقبة ؟ قال : إذن يذهب مالي كله ، الرقبة غالية وأنا قليل المال ، قال : هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : والله لولا أني آكل كل يوم ثلاث مرات لكلّ بصري ، قال : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ قال : لا والله إلا أن تعينني ، قال : إني معينك بخمسة عشر صاعاً » .
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه أن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : «ظاهر مني زوجي حين كبر سني ودق عظمي فأنزل الله آية الظهار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعتق رقبة قال : مالي بذلك يدان ، فصم شهرين متتابعين ، قال : إني إذا أخطأني أن آكل في اليوم ثلاث مرات يكل بصري ، قال : فأطعم ستين مسكيناً قال : ما أجد إلا أن تعينني فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر صاعاً حتى جمع الله له أهله » .
وأخرج ابن مردويه عن الشعبي قال : المرأة التي جادلت في زوجها خولة بنت ثعلبة وأمها معاذة التي أنزل الله فيها { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } [ النور : 33 ] وكانت أمة لعبد الله بن أبيّ .
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن محمد بن سيرين قال : «إن أول من ظاهر في الإِسلام زوج خويلة ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي ظاهر مني وجعلت تشكو إلى الله فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ما جاءني في هذا شيء ، قالت : فإلى من يا رسول الله إن زوجي ظاهر مني ، فبينما هي كذلك إذ نزل الوحي { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } حتى بلغ { فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } ثم حبس الوحي فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليها ، فقالت : لا يجد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هو ذاك فبينما هي كذلك إذا نزل الوحي { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } ثم حبس الوحي فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتلاها عليها فقالت : لا يستطيع أن يصوم يوماً واحداً قال : هو ذاك فبينما هي كذلك إذ نزل الوحي { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً } فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليها فقالت : لا يجد يا رسول الله قال : إنا سنعينه » .
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء الخراساني قال : أعانه النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً .
وأخرج عبد بن حميد عن أبي زيد المدني رضي الله عنه أن امرأة جاءت بشطر وسق من شعير فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أي مدين من شعير مكان مدّ من بر .
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعانه بخمسة عشر صاعاً من شعير .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه أن رجلاً ظاهر من امرأته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان الظهار أشد من الطلاق وأحرم الحرام ، إذا ظاهر من امرأته لم ترجع إليه أبداً فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : «يانبي الله إن زوجي وأبا ولدي ظاهر مني وما يطلع إلا الله على ما يدخل عليّ من فراقه ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : قد قال ما قال : قالت : فكيف أصنع ودعت الله واشتكت إليه فأنزل الله { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } إلى آخر الآيات ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها فقال : تعتق رقبة قال : ما في الأرض رقبة أملكها قال : تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال يا رسول الله : إني بلغت سناً وبي دوران فإذا لم آكل في اليوم مراراً أدير عليّ حتى أقع قال : تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً قال : والله ما أجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سنعينك » .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه أن امرأة أخي عبادة بن الصامت جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها تظاهر عنها وامرأة تفلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال تدهنه ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم نظره إلى السماء فقالت التي تفلي لامرأة أخي عبادة بن الصامت رضي الله عنه واسمها خولة بنت ثعلبة يا خولة ألا تسكتي فقد ترينه ينظر إلى السماء فأنزل الله فيها { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عتق رقبة فقال : لا أجد فعرض عليه صيام شهرين متتابعين فقال : لا أطيق إن لم آكل كل يوم ثلاث مرات شق بي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فأطعم ستين مسكيناً قال : لا أجد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من تمر فقال له : خذ هذا فأقسمه فقال الرجل : ما بين لابتيها أفقر مني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : كله أنت وأهلك .
وأخرج عبد بن حميد عن يزيد بن زيد الهمداني في قوله : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } قال : هي خولة بنت الصامت ، وكان زوجها مريضاً فدعاها فلم تجبه وأبطأت عليه فقال : أنت عليّ كظهر أمي ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية { فتحرير رقبة } فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال : فصم شهرين متتابعين ، قال : لا أستطيع ، قال : فأطعم ستين مسكيناً ، قال : لا والله ما عندي إلا أن تعينني فأعانه النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً ، فقال : والله ما في المدينة أحوج إليها مني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فكلها أنت وأهلك .
وأخرج ابن سعد عن عمران بن أنس قال : «كان أول من ظاهر في الإِسلام أوس بن الصامت ، وكان به لمم ، وكان يفيق أحياناً فَلاحَ امرأته خولة بنت ثعلبة في بعض صحواته ، فقال : أنت عليّ كظهر أمي ، ثم ندم فقال : ما أراك إلا قد حرمت عليّ ، قالت : ما ذكرت طلاقاً فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته بما قال ، قال : وجادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم مراراً ، ثم قالت : اللهم إني أشكو إليك شدة وحدتي وما يشق عليّ من فراقه ، قالت عائشة : فلقد بكيت وبكى من كان في البيت رحمة لها ورقة عليها ، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فسري عنه وهو يبتسم فقال : يا خولة قد أنزل الله فيك وفيه { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } ثم قال : مريه أن يعتق رقبة ، قالت : لا يجد ، قال : فمريه أن يصوم شهرين متتابعين ، قالت : لا يطيق ذلك ، قال : فمريه فليطعم ستين مسكيناً قالت : وأنّى له ؟ فمريه فليأت أم المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطر وسق تمر فليتصدق به على ستين مسكيناً فرجعت إلى أوس ، فقال : ما وراءك ؟ قالت : خير وأنت ذميم ، ثم أخبرته فأتى أم المنذر فأخذ ذلك منها فجعل يطعم مدين من تمر كل مسكين » .
وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة قال : إنما كان طلاقهم في الجاهلية الظهار والإِيلاء حتى قال ما سمعت .